أيها الزائر قبري .... أتل ماخط امامك

Thursday, August 16, 2007

اخنقه يافوزي

ورد في بعض الحكايات الأسطورية ... أن قطيعا هائجا من الفيلة العملاقة ( التي يستعينون بها في السيرك أو في فيلم ملك الخواتم) قد اقتحم أرض النمل البريء ... وعاث في جحوره فسادا وتدميرا ... وبينما كانت ملكة النمل الحائرة المرعوبة تهرب من بين أقدام الفيلة الطائشة لمحت نملة من أتباعها وهي تعتلي ظهر كبير الفيلة في يأس ... فصاحت صيحتها التاريخية الخالدة
اخنقه يافوزي ... اخنقه
______________________

دعونا من فوزي البائس اليائس وملكته المجنحة الخرقاء حيث لم يعرف مصيرهما حتى اليوم

من ان لاخر كانت تثار دوما قضية ( الرقابة على الابداع ) .... تعلم بالطبع تلك المصطلحات الخطيرة شائكة الملمس , تلك الامور التي يحلو لنا دوما الانقسام حولها الى مؤيدين ومعارضين لأنها تغذي دوما احساسنا بالتميز والاختلاف

دون سبب مباشر اذكر الضجة التي ظهرت عقب صدور رواية (شفرة دافنشي) ... والجدال والصخب ... فريق المهللين وفريق الساخطين ... اقلام تكتب , وافواه تحلل , ومزيد من الاضواء على وجه مسبب الزوابع وقاذف الاحجار في بركة الحياة ...والاهم من ذلك ... رد الفعل التقليدي الذي يتبناه السواد الاعظم ..... فلنحرق هذا العمل الشيطاني بحق السماء

الحق ان رد الفعل موحد مكرر وان اختلف عنوان (موضوع الصخب) ... كانت التساؤل المنطقي الذي قد تطرحه عندما يصادفك هذا السعار المشتعل هو .. لماذا صار التعامل مع كل مفردات حياتنا الغريبة هو بالدفن او الحرق او التخريب ؟ .... ولماذا نلجأ عامدين لنزع حرية الاختيار من يد الفرد ... على اعتبار اننا دوما (ضعاف الوعي والارادة .. قابلون للفساد)؟

منذ فترة غير قليلة ظهر فريق من مهاجمي ثورة الدش (الطبق الغربي الداعر العامر بالمزز والسكس الصريح) ... ودعوا - منتهجين نفس اسلوب مدرسة (احرق تربح) - الى نبذ الدش واغلاق القنوات الخليعة (وغير الخليعة وحياتك) والكليبات الماجنة و الافلام الهدامة لأنها نتاج حضارة شيطانية لعينة تبغي تتويه الشباب المؤمن وحشو عقله بالتافه المثير من الامور

نحن لانزرع الشوك .... نحن لانبوس الواوا
الملاحظ اننا نحلل كل مانتفق على تسميته ب (الاعمال المعادية ) نحللها من منظور ديني أو جنسي مطلق ... ربما لأننا تحولنا مع الوقت الى مهووسين بأكثر مانكره ... الهرطقة , والجنس ... صرنا مهووسين بالفكرة ذاتها .. وصارت كل شفرات حياتنا خاضعة للتفسير برموز دينية او جنسية بحتة (نحن اكثر من نجيد اطلاق وفهم الدعابات الجنسية , واغلب الفاظنا البريئة صارت قابلة للتحوير الى معاني فاسدة او بذيئة تضمن نجاح الافيه) 0

حدث بالفعل
واحد من اخواننا ... اراد التعرف على عالم الانترنت .. في بدايات ظهوره (تذكر تلك الايام التعيسة عندما كان النت في السايبر كالراديو في دوار العمدة في زمن ابائنا الاولين وكانت كروت المودم وفواتير الهاتف الملتهبة والساعات المدفوعة مقدما من مفردات المرحلة ) .... حسنا ... كان صاحبنا لايعلم عن النت اكثر من كونه ذاك البحر الالكتروني العملاق العامر بالمجون و(الاشياء الابيحة) التي لايسمحون بظهورها على التلفاز مع قدرة مطلقة على (الشات) تحت اي اسم وجنس وسن ليتحول المجتمع الى مجموعات متحاورة من المعاتيه , ذكور يدعون الانوثة يتحدثون مع اناث ينتحلن اسماء الرجال

المهم ان صاحبنا بمساعدة بعض القدامى المخضرمين في هذا العالم قاما بحجز جهاز في احد السايبرات , وهمّ المخضرم بتفحص بريده الالكتروني ... وعندما سمعه (محدث النت الغرير) يتلفظ بكلمة (هوت ميل) ... قام بعصبية رافضا الدخول الى المواقع الاباحية ... الحقيقة انه لم يميز سوى الشطر (الساخن) من اسم الموقع .. ذاك الشطر الذي اشعل فتيل القنبلة ... القنبلة المحشوة سلفا بفكرة (الويب العامر بالرذيلة) 0
سؤال منطقي ... لم كل هذا التحيز المسبق.. وحب المصادرة ... ؟ هل نحن فعلا نرى الامور من المنظور الصحيح؟
لعبة الساحر ... وشيء من الكلكعة
اكبر مشكلة في طريقة تفكيرنا ... اننا نعجز عن قراءة مابين السطور فنتعامل مع الجمل الطويلة الرشيقة بسطحية , ونعجز عن استخراج العنصر المهم من هذا العصير الكلامي الساحر ... فنتعامل مع الكلمات المألوفة باستهتار واهمال باعتبارها مسلمات, وتنصرف انظارنا دوما الى الكلمات الغليظة الرنانة التي نحسبها تحوي حل اللغز ... لهذا دوما ... تخدعنا لعبة الساحر في المسارح الفقيرة ... انها خفة يد تستثمر خلل عيوننا المسطحة سهلة الخداع

تمرين رقم 1 .... تعال نحلل جملة او عبارة من العبارات التي نسمعها او نقرأها يوما في حياتنا

الجريدة (....) بتهاجم الاسلام ... مع ان اللي بيكتبوا فيها مسلمين

اول رد فعل غريزي يكونه المؤمن المتحمس تجاه تلك العبارة هو النفور من (اسم الجريدة) ... التي تتحول الى رمز مرادف للشيطان .. للصهيونية ... للكفر ... للمتامرين ... او لأي شيء شرير ومقزز في هذا العالم ... مع الوقت ... ينقل الفكرة لأتباعه المخلصين و صفوته المنقادين ... وتتضخم العبارة الى مانشيت ... ومن ثم تصبح يقينا ... ومن ثم اسطورة تتغذى عليها الاجيال

تعامل المؤمن الاول مع (اسم الجريدة) .. باعتباره الجزء المهم الحيوي في الجملة ... فتعامل مع بقية العبارة بالتجاهل , انها مجرد مسلمات ... اعتبر ان (بتهاجم الاسلام) ... امر مفروغ منه ... مع ان الهجوم على الاسلام حكم , ومحصلة نهائية لمجموعة مقالات من الثابت انها تحوي انتقادات سلبية للاسلام .. ربما تتم بشكل غير موضوعي يجعلنا نحصل على هذا الحكم النهائي ... في حين ان تلك المقالات قد نختلف حول موقعها من الاسلام ... بين ان تكون مجرد مقالات بصيغة خارجة عن المألوف , أو مقالات محايدة تبغي الصالح العام , أو مقالات شريرة من مأجورين ... تلك امور قد نختلف او نتفق حولها

اما الشطر الثالث ... فهو الافيه الذي بيرز المفارقة المبنية على عبارة سابقة اتفقنا بعيون مغلقة وقلوب مطمئنة على صحتها دون مناقشة (مع ان اللي بيكتبوا فيها مسلمين) .... وهو التعميم الساذج لهوية المسلم ... فهل هو المتشدد ذو اللحية والزبيبة ويقين الحقيقة المطلقة, ام الواعي الفاهم لدينه ومتطلبات عصره , ام المثقف الذي يؤمن ان الدين هو الحل , ام مجرد مرتزق متخفي , ام انه فقط حامل الاسم والهوية المسلمة , ام هو مزيج معقد من بعض هؤلاء

انتهت العبارة .. وذابت الحقائق خلف وهم التعميم والمسلمات ... وبقي اللفظ الغليظ .. الذي الهى العيون عن لعبة الساحر العبقرية , التي تحولت مع الوقت الى يقين موروث ... ومن ثم صنعت الاسطورة التي تغذي النار المستعرة التي تلتهم كل مايثير الدهشة او الغضب او النفور ... صنعت الاسطورة التي اتت بكل الفيلة الهائجة الى ارض النمل البريء
قس على ذلك مئات الجمل والتصريحات المسموعة والمقروءة والمرئية ... مئات الالعاب السحرية يوميا ... ولايتبقى في الوعي سوى المفردات الضخمة ذات الرنين الجذاب .. تذوب حقيقة الخدعة , ويتراكم انبهارنا باللعبة تدريجيا حتى تصبح واقعا
كلام مكلكع ؟... غريب ؟... هراء ؟... ننتقل اذا للتمرين التالي

تمرين رقم 2 .... ردد العبارات التالية مع التسليم المطلق ومد الساقين
لذا فاعلم ان الارض ليست كروية , وان الرعد ماهو الا غضب الالهة ,وان الدش والانترنت ماهما الا وهم عصري لعرض كل ماهو خليع و ماجن و (هوت) , وان مدرستي جميلة نظيفة متطورة ومنتجة, وان مصر مهد الحضارة .. ولحدها ان شئت, واننا شعب مؤمن معروف بالتسامح , وان الشرطة في خدمة الشعب , وان الاسلام هو الحل فقط عندما تحمل كرنيه الاخوان , وان الرضاعة الطبيعية المشبعة هي سبيل الامان بين زملاء العمل ,وان بالختان وحده يحيا الانسان,وان النصر يكون بالدعاء والمقاطعة وانتظار المهدي , وان من ليس معنا فهو ضدنا ,ومن هو ضدنا فهو عميل مأجور وضال ملعون لاننا رغم كل خيبتنا وفسادنا وجهلنا لازلنا خير امة اخرجت للناس , واننا جميعا نقول نعم لمبارك وجمال وشادي وماما وبابا والاهل والاقارب بالمنوفية والنجوع المجاورة الذين يرسلون بكامل التأييد وأرق التهاني ويطلبون سماع اغنية الحنطور
تمرين رقم 3 ... خذ نفسا عميقا وتهيأ للنزال ... اهنئك ... بامكانك الان الانضمام لقطيع الفيلة
وبعد ... لم يعد امامنا الا التصفيق , لأن لعبة الساحر قد تمت ببراعة

_____________________
فقط عندما تجد نملة يائسة تعتلي ظهر كبير الفيلة وعندما تسمح صيحة بلهاء تردد في عجز مزري (اخنقه يافوزي) ... اعلم انك تقرأ هذا البوست

_____________________
اعتذار مكرر من شخص مكسوف
اسف جدا على التأخير المبالغ فيه تلك المرة ... واسف اكثر على حكاية عدم الرد على التعليقات ... سيحاول فوزي الانتظام والرد في القريب العاجل
;