أيها الزائر قبري .... أتل ماخط امامك

Thursday, November 08, 2007

الأشياء الصغيرة التي لاتراها

يقولون ان كتابة اول سطر في المقالة تسهل كتابة باقي الموضوع .... نصيحة ممتازة للحائرين بشأن الكلمات المناسبة التي ينتون بها افتتاح مواضيعهم البائسة

ك (ماسبق مجرد استهلال .... عملا بالنصيحة ليس الا) 0

دوامة اكتئاب عنيفة خرجت منها ببعض الجروح والكسور والكدمات .. كدمات جعلتني اهجر الناس والتدوين والنت والكتب والذي منه ... واغرق باخلاص في مستنقع الذات

ايهما اكثر املالا .... سرد الشكوى , ام الاستماع لها ؟

كان من عواقب فترة الانقطاع السابقة اني فقدت الصلة بأصدقاء اعزاء التقيتهم عبر المدونات ... فترة انقطاع موحية بالندالة والنسيان ... فترة انقطاع ربما لايغفرها ذات الاعتذار المكرر السخيف الذي لاأجيد سواه

لكن العقاب الالهي اتاني سريعا
دون سبب وجيه سوى لحظة فراغ عابرة قمت بكتابة كلمة (حفار القبور ) على محرك البحث العظيم جوجول ... عناوين ذات صلة بي واخرى لا تهمني ... وجدت الاسم يستخدم في بعض المنتديات .. لكن صدمت عندما وجدت بعض تدويناتي منشورة تحت عناوين اخرى او بامضاءات اخرى

كانت صدمتي عندما وجدت سلسلة حكايات من مستشفى ابو جهل التعليمي منشورة بعنوانها الاصلي في منتديات متفرقة دون اشارة بسيطة للمصدر الأصلي ... على اعتبار ان مايكتب هنا ملكية عامة يمكن لمن شاء أن يهبر منها كيفما شاء , احدهم قام بنشرها تحت عنوان (مذكرات طبيب امتياز) ... وقام (وهو مايثير جنوني) بالتعديل والتنقيح والحذف على مزاجه بتكنيك الرقابة المصرية الشهير على اعتبار ان بعض الكلمات ابيح ويخدش الحياء أو ربما يثير حفيظة المتدينين

نفس تلك المقالات وجدتها منقولة على مواقع معروفة ك الديفيدي للعرب وعمرو خالد .. لم اكن اعلم ان المدونة يتيمة لهذا الحد لاصاحب لها ولا أب

تدوينة مطرقة العاهرات كذلك تعرضت لذات المصير حيث نسبها لنفسه شخص ما على مدونات مكتوب ... نقل مسطرة وحياتك ... نقل ساذج لأنه (وهو غير مصري بالمناسبة) ... يختار تدوينة زاخرة بمفردات بيئية محلية , ولهجة عامية خالصة .. امر لم افهمه او اتوقعه من الاساس

اعتقد ان بعض الاخوة الاعزاء قد خبروا ذلك الاحساس الأليم ربما بأكثر مني .. العزيز حائر في دنيا الله , والمتألق ميشيل حنا وبالطبع الأب الروحي أحمد شقير , وغيرهم كثير

لاأقارن نفسي بهؤلاء الأعزاء ... فما عانيت يعد امر امرا هينا مقارنة بما خبروه ... لكن ذلك الالم يمزق الصدر , ويحرق الاعصاب حقا ... اعتقد اني استحق هذا الألم على كل حال لعدم انتظامي في التدوين والمتابعة ... تخيل اني لم الحظ هذا الأمر الا منذ فترة قريبة نسبيا ... ربما لأني شخص مغيب كأهل الكهف ضعيف الملاحظة ... او اعاني مشكلة مزمنة في بؤرة التركيز

بدأت اكتشف بالفعل هذا العيب الخطير ... اني أركز على امور لاتثير اهتمام الاخرين عادة , واغفل بسببها عن التفاصيل الواضحة الزاعقة .. أغرق في خلفيات الصور ... الكومبارس الغلابة ... اللحن الخافت المدفون في عمق المقطوعة .... اختياراتي في الحياة نفسها تخضع لذات العيب ... هواياتي , قراءاتي , عملي , حتى عندما اكتب ... اختار اشياءا قد لاتهم الكثيرين ... انها امور خارج بؤرة تفكيرهم .. لكنها تملأ عالمي لحد الجنون

شكة بسيطة ياأستاذ ... مجرد كانيولا
اضحك كثيرا عندما اتذكر ... ان حتى التخصص الذي اخترته هو التخصص المنسي في كل المحافل ... التخدير , التخصص الذي ينساه البعض ويكرهه الاخر باعتباره الخطر الكامن الذي لايفكر فيه سوى شخص جريء, ميت القلب ويكره سعاد نصر لحد الجنون ... دعك من انه التخصص الذي لايحب الناس ان يختاره ابناءهم لمجرد انه يخلو (حسبما يعتقدون) من مفردات السماعة والبالطو الابيض والعيادة , وكل المتلازمات المصاحبة للدكتور العقر النشيط المرسوم بكفاءة في كتب المطالعة الابتدائية , صورة كلاسيكية لاتتغير مهما تطور الوعي .. حتى عملي كان خارج بؤرة التفكير التقليدية .. وكذا هواياتي , وافكاري , وهواجسي الخفية التي تلح عل طوال الوقت

خد نفسا واملأ صدرك بالهواء ... سيبدأ التخدير الان

لكني عرفت مغبة التفكير المستغرق في امور فلسفية او هلامية في غير الاوقات الرسمية ... عرفت ذلك عندما صدمت تقريبا من ميكروباص متوحش اثناء فترة تأمل الحّت علىّ اثناء عبور الطريق ... واقسمت بعدها ان اكون كالاخرين ...سأرقب الطريق بحماس وتحفز , وسأفتح عيني على الغادي والرائح , سأكون وغدا سافلا طويل اللسان , والأهم اني سأسب العابرين الشاردين الذين كنت يوما ما أحدهم ... ولأترك التفكير الهلامي والتأمل لفترة المساء والسهرة ... بالطبع فشلت في المداومة على هذا التغيير الجديد وعدت لذات الحالة الشاردة

المشكلة الحقيقية التي اكتشفتها ان كل مفردات عملي تدفعني دون وعي لحالة استرخاء شبيهة بحالات التنويم االمغناطيسي ... صوت معدل النبض على مونيتور العمليات .. شكل رسم القلب المنتظم... صوت انتفاخ جهاز الضغط كل بضع دقائق ثابتة ... حركة جهاز التنفس الصناعي , شهيق ....زفير .. حركة تكرارية متتابعة بانتظام مادامت الامور على مايرام ... وعندما يستقر عالمك الخارجي على وتيرة واحدة .. تتثاءب خلاياك معلنة فترة سبات مؤقتة مالم تقتحمها المصائب مبددة استقرارك الداخلي وتسامحك مع الكون

ديمومة الأمور .... ونوم لذيذ

تعرف شيئا.. عندما اعيد تأمل الحياة من خارج عباءة الذات , ارى بوضوح اننا نحيا في نفس الديمومة المغرية بالنعاس ... فقط تختلف مفردات التنويم بغرفة العمليات من المونيتور وجهاز التنفس الصناعي .. الى عالم ارحب نسبيا ...بنفس مفردات الحياة الازلية , نفس الوجوه التي حولنا لاتتغير ... تحكم اعلامنا وقوانيننا ومصائرنا وحتى ايماننا الذي حسبته الأمر الوحيد المنزه عن السلطان

لازال اليوم هو هو ... اشراقة الصباح ... معركة المواصلات .... صراع أكل العيش ... حضور , انصراف ... ختم دخول , ختم خروج ... صباح , مساء .... اجازة , لا اجازة .... شهيق زفير .... شهيق زفير .... شهيق زفير

نشرة الاخبار الابدية بذات التتر ... لازال فلان مذيعا ... ولازال علان شيخا ... ولازال ترتان وزيرا .... ولازال (م.م) صامدا في وجه الزمن والشائعات دون تغير كالأهرامات وابو الهول والمعابد .... شهيق زفير ... شهيق زفير .... شهيق زفير

الاعلانات التجارية بنفس تيمات مخاطبة الغرائز الاستهلاكية ... ونفس الصوت العميق الدافيء الذي يعدك بشلالات اونو الدافئة , وشقة فخمة في الرحاب , وصلاحية مدى الحياة , ومزّة مضمونة عندما تستعمل اكس الاسر وكلوز اب و بريل كريم وجيليت الأفضل للرجال.... الخ , اضف اليها حمّى السحب وخربشة الكروت ومسابقات ال0900 ... شهيق زفير ... شهيق زفير ... شهيق زفير

معاركنا الثقافية والعلمية والدينية ... العولمة , نظرية المؤامرة , نحن و الاخرون , الحجاب وحرية المرأة , الفتاوي المستحدثة , سقف الابداع ,نقل الاعضاء .... عناوين غليظة تثير شهية الاعلام لعرضها ومناقشتها بذات الاسلوب العقيم الذي يذكي الجدال المتحجر .. ويرفع الاصوات في مشاجرة همجية نتابعها على الفضائيات بشغف وماسوشية لاتختلف عن رغبتنا الدفينة في مشاهدة معارك الشوارع وحوادث الطريق بسلبية وبلادة ونحن متكئين على الارائك في بيوتنا المكيفة... موجة معارك تلتهمها اخرى ... ثم اخرى ... ثم اخرى ... شهيق زفير ... شهيق زفير ... شهيق زفير
معركة الجرائد ... معركة الاحزاب ... معارضة , قومية .... وطني ,اخوان (مفيش اختيارات؟) انتخابات و مظاهرات واعتقالات واستنكار , ثم هدوء مؤقت تحضيري لسلسة اخرى من نفس الاحداث السابقة ( طبق الأصل العلقة اللي فاتت ... لاقلم زاد ولا قلم نقص) ...شهيق زفير ... شهيق زفير ... شهيق زفير


وعندما استمرت حياتنا - بمعجزة ما - بنفس الوتيرة , نفس الريتم , نفس التمبو لم نعد نتساءل عن حقيقة ماحولنا , غرقنا في مستنقع الذات ... اصابنا داء النعاس الذي لايوقظنا منه سوى مصيبة طارئة او ميكروباص متوحش ينهب الطريق اثناء عبورنا الشارد قبل ان نعود مخلصين لنفس حالة السبات .... ذات الديمومة التي تنال من وعينا... ديمومة جهاز التنفس الصناعي ... ديمومة الحياة ... شهيق زفير , انقباض انبساط , موجب وسالب , ميلاد وموت ........ 0

الخوف الحق .. اننا نمر بالتدهور البطيء دون ان نلاحظ .. غرقنا في بحر التنويم حتى الثمالة , بنج زائد كما يحلو لطرشجية الاعلام تسميته ... تتدهور كل علاماتنا الحيوية , المونيتور يطلق انذارا مستمرا ... هناك مؤشرات مخيفة على رسم القلب ... لازالت مرحلة التنويم مستمرة ... خطر الموت يملأ المكان برائحة يميزها العارفين ... لازال الانذار مستمرا ... يبدو اننا كنا بحاجة لطبيب تخدير جيد ... او ربما لم نكن بحاجة الى واحد من الأصل
نغلق الغاز المخدر ونوقف جهاز التنفس الصناعي

فتح عينيك ياأستاذ ... 0
هل حقا لازال في الوعي بقية ؟
حمدا لله ع السلامة ....... 0
ياأستاذ .. أستاذ ..!!!! 0
;