أيها الزائر قبري .... أتل ماخط امامك

Thursday, April 03, 2008

عندما نخرج جميعا من اصلاحية شاوشانك

تذكرت فجأة المثل الروسي ( على ماأذكر من جنسية المثل) .. الذي يتحدث عن بيع فراء الدب قبل صيده
ماذا يحدث عندما نكتشف أن لون الحياة يستحيل تدريجيا الى اللون الوردي الفاقع
وأن معاناتنا اليومية , ودراما أكل العيش , والذل والهوان والتعاسة , والقهر .. وكافة المشاعر السلبية قد انتهت من العالم
ماذا يحدث عندما تندحر الديكتاتورية , وتنتهي اسرائيل , وتندثر فوازير رمضان من الوجود؟
ماذا يحدث بعد أن ندخل الجنة؟
المدهش انك بعد فترة طويلة قضيتها تكافح مع مبدأ ما ... او تقاتل ضد اخر ... تنسى كل هذا الدوار والزحام المشرب بالنقاش الحامي على المقاهي .... المقالات الغاضبة ....ربما بعض الكوابيس

اغلق الشاشة قليلا

حسنا ... ماذا بعد؟

ماذا نبغي حقا من كل هذا القرف ؟

الزعامة ؟.... البطولة ؟. .... محاولة مضنية للبحث عن الذات ؟.... هل تحاول جديا تغيير العالم؟ .... تبحث عن السلام والعدالة والحق والجمال؟ ..... تبا !!! ... ماذا تبغي حقا؟
هذه الشرارة المشتعلة داخلك ... تلك التي تبحث عن معنى للوجود ... نعم ... بنت الكلب هذه ... امسكها .... تأملها جيدا.. تأملها لترى داخلها نفسك .. احباءك ... اعداءك ... الأعداء الذين أوجدتهم ليحلوا محل أعداء اخرين وهميين في عقلك يجسدون كل ماتخاف وتكره وتقشعر منه في فراشك ليلا فتسحب الملاءة لتغطي جسدك رغم حرارة الجو
انهم جميعا هنا بالداخل ... أصدقاء و اعداء ... احلام والام
صور تخيلية منحتك سيفا خشبيا ..ودرعا من الورق.. وعبط الدون كيشوت
انهم جميعا هنا بالداخل ... معارضة وحكومة ... حب وكراهية

ل ...لكنني احتجت لوقت طويل .. كي أدرك اني دخلت غرفة كبيرة ... مليئة بالعرائس ... ووزعت عليهم الادوار .. وبدأت احركهم وفقا لأحداث مسبقة استحضرتها من اللاوعي .... حبايبي الحلويين ... اليوم سنحكي قصة الوحش والأبرياء
وتنتهي القصة ... وغدا .. واحدة اخرى ... اكثر امتاعا , اقل امتاعا .. لكنها بذات العرائس الموجودة في الغرفة سلفا

انهم جميعا هنا .... ملائكة وشياطين ... جنة ونار

ويتلون العالم بلون عالمك الداخلي ... اسود , ابيض , فحلقي داكن يميل للصفرة (لاتسألني ماهو؟)0 ... ويتجسد أمامك الوهم في صورة ملموسة ومرضية ... اعدائي لهم الكره والاحتقار والالم ... اقذف بهم في النار
عندما يبدأ يومك ... انظر جيدا لهؤلاء الذين تشاهدهم في الشوارع .. في العمل .. في التلفاز .. في الجريدة ... اولئك الذين قمت بتنميطهم الى ناديين .. فريق الاخيار .. فريق الاشرار ... النتيجة صفر: صفر ... لازلنا في بداية المعركة
ماذا يحدث عندما يترك العنتبلي مكانه المفضل؟

لاتجب ... اعرف سلفا ماقد يجول بداخلك ... ستشرق الشمس , وتنعكس الاشعة على قوس قزح الجميل , وتغرد الطيور أجمل اناشيد السماء ... ستنمو للناس اجنحة بيضاء على ظهورهم وتظهر تلك الهالات المضيئة فوق رؤوسهم ... وسيحلو طعم البطيخ في ايام الصيف حتما بعد ان ظللت لعهود طويلة تشكو من (طعم الأشياء الماسخ) ...

هل حقا ان انتظارنا للحل الخارق من السماء .... هو الذي جعلنا نعلق عليه كل تلك الاّمال؟
لازالت النتيجة صفر :صفر .... اعتقد أن الأمور بحاجة لبعض السخونة

ألاترى بربك كيف صرنا نحيا حقا ؟!!! 0 .. نقوم صباحا .. نغسل وجوهنا من اثر الليل ... ثم نلعن الماء الملوث (أو المقطوع حسب موقعك الجغرافي من هذا الوطن) ... ننطلق في مواصلات حارة خانقة .. ثم نلعن الزحام والتكدس وسعر البنزبن المرتفع .. نرتمي على مكاتبنا ... ثم نلعن الواسطة واهدار الكفاءات والروتين اللعين ... نستريح لأداء صلاة الضحى ... ثم نلعن الماء الملوث من جديد لأن عدد الكائنات السابحة في شاي (الاصطباحة) صار أكثر مما يطاق

نمارس مهام عملنا ... ثم نلعن الناس الذين لايفهمون كيف يجري العمل هنا ويرهقوننا باعادة شرح الأمور .. اولئك الذين نحب وصفهم ب(البلاوي اللي بتتحدف علينا) .... نذهب للصراف لاستلام الراتب... ثم نلعن الخصومات والجزاءات ... نمضي في رحلة العودة ... ونلعن المواصلات من جديد ... ثم نلعن بعضنا لأننا قررنا جميعا ان ننصرف في نفس اللحظة فتكدست بنا المواصلات ... وتوقفت الشوارع ...

موعد الطعام .. نلعن الجبنة الفاسدة ... والخضروات التالفة .. والخبز الرديء الذي لايوازي بحال القدر الذي انتهك من كرامتنا سعيا للظفر به في طابور ممل سخيف وقاتل أحيانا (لو كنت لازلت حقا تستطيع ارتياد تلك الطوابير ) ... نلعن التلفاز ذو القنوات المملة أحيانا أو الخليعة أحيانا...نتناول الريموت طمعا في شيء مفيد أو مسلي ثم نكتشف أن الريموت لايعمل لأن البطارية ضعفت من فرط التشغيل ,ثم نلعن صاحب الوصلة الحرامي ... نصفع الأولاد ونأمرهم بالنوم ... ثم ننبطح فراشا ... وقد علمنا اخيرا أن المتعة الوحيدة الباقية في الحياة بين الأزواج قد صارت مستحيلة بعد هزيمة مريرة في كل المجالات على مدار اليوم , وأن مابقي من ممارسة الحياة .. ليس الا روتين ميكانيكي خاضع ل(تساهيل ربنا)

انا نسيت ... انت نسيت ... انه في خضم هذا الصراع اليومي ... لعنتك ولعنتني الاف المرات .. دون أن نعرف من المتضرر حقا ... أنا جارك في المواصلات .. وزميلك في العمل , و(البلوى) التي أتت تسألك عما تفعل بخصوص أمر ما .. انا وأنت .. من نعمل بالفرن .. ومحطة المياه... نلوث النهر ... ونسرق الوصلة .. ونبيعها للاخرين ... نلعن بعضنا ... ثم نهرش في غباء متسائلين عمن افسد الجبنة , وأتلف الخضر , وجعل وجه الخبز كحذاء صانعيه
انهم جميعا هنا ... مانحي الخدمات ومتلقييها ... ملوثي النهر.... وشاربيه

لازالت النتيجة صفر: صفر ... أمر عجيب ألا تأتي الاهداف بعد مباراة بهذا الطول
هل حقا .. لازلت تؤمن أن هناك فريق للأخيار .. وفريق للاشرار... نلعب مباراة أبدية لايربح فيها احد؟

نتساءل عن تلك اللحظة الذهبية التي نفر فيها جميعا من شاوشانك ... ربما لو فررنا الى الجنة ... لحملنا معنا كل متاعبنا وشكوكنا , وخبزنا البائس ... ولارتدينا لباس الفريقين .... الاخيار ... والأشرار ... لأنهم جميعا هنا منذ البداية
هم دائما .. حيث نذهب
هم دائما ..... نحن

اعتقد أن الهروب الحقيقي ... هو ذاك الذي نفر فيه من كل تلك الصور التي ملأت اعيننا ... فنرى الأمور على حقيقتها ... الأصدقاء .. والأعداء ... الأخيار .. والأشرار .... ونكف عن لعبة العرائس الأزلية , عندما نمنح كل مخاوفنا والامنا .. اسما .. ونحله في جسد واحد نكرهه .. تنتعش الحياة بهزيمته
نرى لحظتها أننا لم نكن نقهر اعداءنا .... ولم نكن نفتك بمخاوفنا ... اننا حقيقة .. شرعنا في التهام أنفسنا

عندها .... ربما حقا .. تشرق الشمس على قوس قزح الجميل ... وتنمو الاجنحة , وتظهر الهالات المضيئة فوق رؤوسنا .. ويحلو طعم البطيخ في أيام الصيف
عندها ... ربما يترك العنتبلي مكانه المفضل ...وتندحر الديكتاتورية .... وتندثر فوازير رمضان من الوجود
عندها ... ربما نكون قد خرجنا جميعا من اصلاحية شاوشانك
________________________


مللت من الاعتذارات , تماما كما مل منها الجميع ... لكن أكرر ... انا اسف على أي تأخير حدث طوعا أو كرها
من شاء لعن , ومن شاء سامح .. وللجميع الحب والاحترام

أتتني دعوة من أطباء بلا حقوق على أساس أن أقوم بالتعريف عنهم .. أعتقد أن كلامي لايضيف لأنهم معروفون فعلا , بمحاولاتهم الجدية لكسر الأسوار بعد عهود طويلة من الخنوع والخوف والجهل اصلا بأبسط حقوق الحياة, لن أتحدث هنا عن مشاكل تخص الأطباء عندما نشكو من المادة , ونستجدي كادرا ... ونهدد باضراب ,أو أضعف الايمان ... اعتصام .. عندما يتصور الجميع ... حتى نحن .. أننا أشبه بمجموعة بائسة من الفلاحين تتجمهر عند قصر المنوفي .. مطالبة بزيادة( اليومية) وقد تفرقهم رصاصة في الهواء أو تلويح مهدد من اصبع (الكبير) ... لا , لاأحب تلك الصورة ... لكني- كالجميع -أريد أن أصنع شيئا واحدا محترما في تلك الحياة , ولو كان اتفاقا على أمر واحد ... فقط اتفاق , لاتفرقه رصاصات مسدس المنوفي .. ولايخضع لاصبع (الكبير) المرعب.. لأننا - أبدا - لسنا هؤلاء الفلاحين البائسين ... 0

لانستجدي ... لانتسول

ليس للأطباء فقط ... بل لكل من يحق له الحياة على تلك الأرض .. كانسان ... فقط كانسان

سمه الكادر .. سمه الخبز ... سمه الماء النظيف ... سمه مكانا امنا لأجيالك القادمة دون كلاب بوليسية عشوائية الهجمات
العادة ... تقتل الطموح
تذكر .. تذكر .. الرقم ستة
لانستجدي ... لانتسول
لكن ... عندما نتحد سويا لكسر الأسوار
كسر العادة
كسر الخوف
وعندما نرى النور بأعيننا من خلف الجدار

سندرك حقا كم يستحق ...أن نعيش جميعا خارج جدران شاوشانك
;