أيها الزائر قبري .... أتل ماخط امامك

Friday, November 25, 2011

الرقص مع المشير

في كل مرة أسأل نفسي ...هل تكون هذه هي التدوينة الأخيرة؟
_________________________________
أغلب ماسأقول حقيقي .. ومرعب .. لأنه يجعلني ارتجف أثناء كتابة هذه السطور ...
أنا الدكتور (ي.م) ... الطبيب الخاص بسيادة المشير ... اكتب الحروف الأولى من اسمي في حالة اذا مابقيت حيا ...أما  اذا قتلت فاعلموا ان وليمة دسمة تنتظر وسائل الاعلام ... سيكون هناك ملف كامل عني ... عنواني ..شهاداتي ... جرائمي ... وطبيعة عملي مع المشير ...ربما اتحول لكبش الفداء الذي يبحث عنه الجميع.. اكرر .. ان عدم التصريح باسمي هو ماسيحتفظ لي بباب النجاة مفتوحا ..لو أفلتّ الآن من الموت
تجعلني طبيعة عملي قريبا من بؤرة الأحداث .. أنا الرجل الذي تفتح له الأبواب وتمنح له الصلاحيات لكنه يبقى في الظل رغم كل ذلك ...
من الذي يحكم الآن ... ؟... ستندهش عندما اخبرك أن مايقوم بتسيير الأعمال في تلك البلاد هي الحالة المزاجية للمسئول ... (المود) ... لذا ستجد القرارات متذبذبة دوما .. وهي مزيج نادر بين حكمة العجائز ... وغموض العارفين .. وعناد الأطفال ...وشراسة صاحب البيت عندما يمتليء مطبخه بالصراصير
عندما صار دوري هو الاشراف على الحالة المزاجية للكبار ... صار يحلو للبعض اعتباري الرجل الذي يجلس خلف الستارة .... الرجل الذي لايعرف أحد انه موجود أصلا
_________________________
توك توك توك ...
_________________________
المشير غاضبا
منذ متى لم يغضب المشير ؟! ... هناك بعض الأدوية المهدئة التي اعمد اليها لتلطيف الأجواء ... حتى يصبح الحوار مع المشير مثمرا
"صحتك مش عاجباني خالص سيادتك"
أناوله كوب الماء ليبتلع الأقراص المهدئة ... ان الاضطرابات الأخيرة من قبل الثوار تجعله يعجز عن النوم ... هناك دوما بركان مهدد بالانفجار ... والسيطرة على الوضع شبيهة بالسيطرة على مزرعة فر منها الدجاج ... الدجاج مبعثر وتعجز عن جمعه دفعة واحدة ... أمسك اثنين وسيهرب ثلاثة من الباب المفتوح أصلا
"عايزين ايه ولاد ال(....) دول؟!!"
أعود لتهدئته من جديد ... كل مايحتاج اليه هو عبارت الثقة مع بعض (المساج) ... أنادي خبير التدليك ... وأصب في أذن المشير عبارات التشجيع ...يطلب بعض الموسيقى .. فأضع في مشغل الاسطوانات الموسيقى التي يحبها...يدندن بلحن ما .. أتابع
(محدش فاهم حاجة... هما نسيوا انت عملت ايه عشان البلد ؟... زوبعة في فنجان وهتعدي ... مش همة دول اللي رفعوا الجيش على رقابيهم ... ؟!! ... أكيد مدسوسين ...امال فين الجيش والشعب؟ ..فين الايد الواحدة؟!! )
"الايد دي يحطوها لامؤاخذة في (....)"
يصيح بعصبية  ثم يقوم آمرا بانتهاء جلسة التدليك .. ليطلق عبارته الشهيرة
"مع المشير .. انت في السليم"
___________________________
توك توك توك .. تاك تاك .... تاك
_________________________
المشير ثائرا
هناك اجتماعات يتخللها سباب ... هناك على ماأسمع مجزرة دموية تتم في التحرير الآن ... لكن مخاوف المشير دائما عظيمة ... يأمر باستعمال القنابل المسيلة للدموع ... كي يتذوق الأوغاد طعم العهد البائد ... ويقدّروا النعيم  الذي ظلوا يرفلون فيه قرابة العام ...هناك أشياء لايمكن السيطرة عليها ... حالة الاحتقان بين الشرطي والمواطن ستسمح بالعديد من الفظائع ...لكن
(مع المشير ... انت في السليم)
أصارحه أن السيطرة الحقيقية هي من خلال الخوف ... عندما يخاف الجمهور يمكنك عمل أي شيء ... لأنهم سيهربون في كل اتجاه فيفقدون القوة الدافعة ... فرّق تسد ...فرقهم بين حزب وآخر ... بين حكومة وأخرى ... بين نعم أو لا ... هكذا يمكنك تشتيت قواهم الخائرة أصلا
أخبره بلعبتي  فيسلّم لي أذنه ...سنعود للحديث عن الأجندات والعملاء... ستعود القوى السياسية لتسب بعضها البعض ... سيسب أنصار الليبراليين... الاسلاميين .. والاسلاميون سيبتلعون الطعم وينشغلون بالدفاع عن انفسهم... هنا سيجد رجل الشارع نفسه محاطا بضوضاء استاتيكية رهيبة .. يمين أم يسار ؟!! ... وفي المنتصف .. قنابل مسيلة للدموع..  ستنتشر الشائعات على الانترنت (وماأسهله من أمر في عصرنا ) شائعات سيلوكونها هم أنفسهم باستمتاع ماسوشي ...شائعات ثم تكذيب للشائعات.. شائعات تضفي خواص أسطورية على قنابل الغاز التي سيقذف بها المتظاهرين ...فيفرون من الغاز كما يفرون من الجذام...(العيار اللي مايصيبش ... يدوش) يتردد المشير .. ألن يؤلب هذا الناس علينا أكثر ؟!! ... المنظمات الحقوقية ؟!! ... والجهات السياسية الثائرة ؟!! ... أؤكد له أنه أمر يستحيل اثباته ... الكلام الكثير المتضارب في زماننا هذا يجعل الحقائق دوما في المنظقة الرمادية بين الصحة والزيف ...يتبخر الكلام.. لكن الخوف هو مايبقى في النفس ..
ماأدهشني بعد ذلك أن الخوف لم يحدث التأثير المنتظر ...
"العيال مابتهداش يابرم "
أتجه لمشغل الاسطوانات وأشغّل موسيقاه المفضلة ... فيعود للدندنة وهو يقود بيديه أوركسترا وهمية
" احنا نزوّد العيار حبة "
هنا نصحته بأن يخرج ما بالمخازن من غاز الخردل الذي يقال بأن النازيين كانوا يستخدمونه في معسكرات (أوشفيتز) ... وان الدكتور (يوسف منجيل) النازي الرهيب كان يستمتع بتجريبه على الأسرى اليهود ...
اليوم سنعيد تجارب (يوسف منجيل) الى الحياة
_________________________
توك توك توك .. تاك تاك .... تاك ....والكثير من ال (هسسسسسسسسسسسسسسسسسسس)
_________________________
  المشير حائرا
كثيرا مااعتدت على طلبات المشير العجيبة ونزواته الغامضة .. لكن أغربها هو ماطلبه منذ أيام ...
يدخل عليّ شاردا .. ويقول :-
" أم (ابراهيم) عاوزة (ابراهيم)"
حاولت الفهم  مرارا ... تعطّف عليّ بعد ساعات ليطلعني على الصورة الكاملة
(ابراهيم) هو أحد شهداء الميدان ... أمه ناشطة حقوقية وتطلب ان ترى جثته ...الجميع الآن يتساءل عن (ابراهيم) ... ماذا أصابه ؟!! .. وأين جثته؟!! عثرنا على الجثة ببعض المجهود .. ماالمشكلة اذا ؟!! ... المشكلة ان جسد (ابراهيم) قد تشوّه تماما  ..وبوحشية نادرة ..بحيث صار من المستحيل ان تتعرف على جسده المعجون وأطرافه الممزقة التي ستثير الرأي العام... لاتعلم هل احترق بالغاز أم دهسته مدرعة ..ام مزّقته المطاوي  ام تحطمت عظامه بكعوب البنادق ...
وجهه هو الجزء الوحيد الذي ظل سليما
أطمئن المشير الى أن لكل مشكلة حل ... يأمر لي بسيارة تنقلني الى حيث جثث ضحايا الاضطرابات الأخيرة ... اتفحّص الجثة .. كانت حالها مروّعة ... ان الجهات الحقوقية وأعداء النظام سيلتهمون وجوه من تبقى من النظام ... كانت أبشع جثة أفحصها في حياتي
أنظر لباقي الجثث وأفكر ...ثمة فكرة ... تومض فوق رأسي كمصباح ... لمحة عبقرية اخرى قد تسجل اسمي في تاريخ العظماء
يمكننا تجميع  الأطراف التالفة من الجثث الأخرى ... ورويدا رويدا يمكنك تشكيل جثة واحدة سليمة تخرس بها الرأي العام ... تشتعل حماستي مع العبارة المقدسة
(مع المشير ... انت في السليم)
أطلب من الجنود المتراصين أن يقوموا بحمل الجثث في عربة كبيرة مموهة الى حيث معملي ...
لصناعة جسد جديد ل(ابراهيم)
في المعمل كان الأمر صعبا نوعا ... في البداية كان عليّ القيام بفرز الجثث لانتقاء الصالح منها ... استقر اختياري على سبع جثث ... هذه هي التي سأقتطع منها لاستكمال الجسد المطلوب
سيسأل أحدهم ... لماذا لم تأت بجثة واحدة تكمل جسد (ابراهيم) بدلا من القص واللزق المعقد .. أخبره ان كل جثة من الجثث السبعة الصالحة كانت تحوي عيبا قاتلا في مكان غير الآخر ... عيبا يهدد بفشل العملية
عملية اصلاح أخطاء النظام
أفحص رقبة (ابراهيم) ... هناك شق حنجري اجراه احدهم محاولا انقاذ حياته ... الرقبة بحاجة للتغيير
انتقي جثة من لون قريب من لون بشرة ابراهيم ... ونفس العرض تقريبا .. رقبة سليمة ..هاهي
اعيد توصيل الأوعية والأعصاب ... وخياطة الجلد .. ان الموضوع يستغرق وقتا طويلا .. طلبت أربعة من المساعدين  فجاءني خمسة.. يهاتفني المشير
" أم (ابراهيم) عاوزة (ابراهيم)"
أطلب منه بعض الوقت ... المساعدون يستكملون عملي ...هناك ضلوع مهشمة وتجمع دموي ضخم بالبطن.. أختار جذعا وبطنا مناسبين من حيث اللون والحجم لتوصيلهما بالرقبة ... لامشكلة ..
 لاستبدال الذراع المبتورة أبحث في الجثث عن ذراع  سليمة ... وجدت واحدة ... لكنها كانت تحمل وشما للصليب ... هنا قفز في ذهني سؤال ملّح
"هوة (ابراهيم) مسلم ولا مسيحي؟!!"
لاأحد يجيب ... أطلب مساعدة الخبراء .. لاأحد يعرف ... لا المشير .. ولا الجيش .. ولا العساكر الذين أحضروه...أبحث في ثيابه ... لاتوجد أوراق شخصية... أتصل من جديد ...وأتساءل
"هوة اسمه ايه بالكامل ؟!!"
بعد جهد طويل عرفت أن اسمه الكامل هو (ابراهيم عادل فوزي) ؟!!
يضحك المساعدين خفية وتبدو الشماتة في عيونهم لأن الاسم الكامل لاتستشف منه خانة الديانة ... حسنا فلنؤجل مسألة الذراعين لما بعد ... أعتقد انني بحاجة الى معلومات اكثر تفصيلا عن جسد ابراهيم قبل الوفاة .. ان عملية الترميم هذه تحتاج للدقة الشديدة حتى لايشعر أحد باختلاف بين الأصل والتقليد...الجثة نفسها قد تخضع للفحص من بعض المدققين الذين كانوا يعرفون القتيل.. بعد ساعات واتصالات .. أتاني ملف كامل ... أمرت أحد المساعدين ..و اسمه (صبحي) بتنقيح الملف للحصول على مواصفات الجثة المطلوبة ... وخلال بحثه كنت أتابع مهمتي ...أبحث عن ساق ... هناك لحسن الحظ العديد من السيقان الصالحة ... أقوم مع المساعدين بتوصيلها .. يرن الهاتف ليأتيني صوت المشير المتوتر
" أم (ابراهيم) عاوزة (ابراهيم)"
أخبره أن يقوم بالهاء أم (ابراهيم) ببرقية عزاء أو شيء من هذا القبيل ..ثم أطلب منه أن يتناول دواءه المهديء وأغلق الخط...هنا يأتي (صبحي) ليضرب القنبلة في وجوهنا ...
"(ابراهيم) كان مركّب شريحة ومسامير في رجله اليمين"
ترى أي ساق قمنا بتوصيلها ؟!! .. أشعر بدمائي تفور كعصير الطماطم في الخلاط عندما اكتشف أننا قد أوصلنا الساق اليمنى ... أبحث عن ساق يمنى بشريحة .. أخضع جميع الجثث للفحص بأشعة اكس ... لاتوجد ساق صالحة ... هنا يقترح أحد المساعدين ان نقوم بتركيب الشريحة في الساق التي أوصلناها بباقي الجثة بالفعل
وقد كان .... وقرب الانتهاء صارحنا (صبحي) .. بأن (ابراهيم) قد استأصل الزائدة الدودية منذ سنوات !! ... أطلق سبابا بذيئا وأشرع في استئصال الزائدة ... ثم أبحث عن ساق يسرى صالحة ... وبينما نحن نقوم بتوصيلها يضرب (صبحي) جبهته بيده كمن نسي أمرا
"(ابراهيم) كان عنده تليّف في الكبد "
وقبل ان أفتك بالمساعد يرن جرس الهاتف ليأتي صوت المشير :-
" أم (ابراهيم) عاوزة (ابراهيم)"
أخبره - بأدب - أن عليه أن يخرس قليلا لو كان يريد لأم (ابراهيم) أن تخرس بدورها
أبحث عن كبد متليّف في أي جثة من الجثث ..كان الأمر سهلا ... الكبد المصري الأصيل ستجده متليفا الى أن يثبت العكس .. وبينما نحن نقوم بتوصيل الكبد .. يصارحنا (صبحي)  بآخر جملة قالها في حياته قبل ان أطلق النار على رأسه
" (ابراهيم) كان متبرع بكليته الشمال لأبوه"
________________________
 بعد عمل شاق ومرهق جلست أتأمل الحصيلة النهائية ...
كانت جثة مرعبة في الواقع ... شبيهة بمسخ فرانكنشتين ... أحمد الله أن المشير لم يطلب مني اعادة الحياة للجثة ... هناك الكثير جدا جدا من علامات الخياطة عند موضع الأطراف الأربعة والرقبة .. والجروح بالبطن ... رغم استخدامي لأجود أنواع الخيوط الجراحية ... وأمهر خبراء التجميل ... لكن هذا لم يخفف من أثر التعديل الرهيب الذي أجريناه على الجثة ..
كان أكثر ماأزعجني هما عينا (ابراهيم)
عينان تحدقان فيك باستمرار .. تتابعاك يمينا ويسارا كعيون الموناليزا ...
بغضب تنظر ... باتهام تنظر ... وتعدك بشيء ما لاتدركه .. لكنه مرعب
تريد رأيي ؟!! ... الجثة الممزقة الأصلية كانت أخف أثرا من هذا المسخ المخيف
يدخل المشير ليتأمل الجثة  قبل تسليمها لذويه... تهتز يده لاشعوريا ويشيح ببصره بعيدا .. أعرف ماأثار خوفه ... أتجه للجثة محاولا غلق العينين ...كانتا متصلبتين بشكل مريب ... تأبيان الا البقاء مفتوحتين
"ايه المنظر دة؟!!... اخزقله عينيه أرحم"
يقولها متأففا وينصرف ... أتناول دبوسا ... وأتجه الى (ابراهيم)
كل ماأحتاج .. هو بعض الشجاعة (مع المشير ... انت في السليم)
ثم بيدين ثابتتين ...أنفّذ مطلب المشير
_____________________
لم أدر لم أصيب الناس بالغضب مع مرأى الجثة ...
هناك هياج شعبي عارم... الثورة تشتعل أكثر والوضع بات أخطر .. نصحت المشير بتغيير نوع الغاز الذي تستعمله قوات الأمن... أخرجنا ما بالمخازن من غاز التابون ... هناك بعض الاصابات والوفيات في صفوف الثائرين.. لكن المشير يزداد قلقا .. لم تعد حالته النفسية على مايرام .. صار كثير الشرود والدندنة بألحان غير مفهومة .. يتحرك عليها حركات غير مفهومة .. أقرب الى الرقص...لاألومه لأن حالتي النفسية أنا ايضا ليست أفضل.. وثمة خطب ما بعيني ..
 يزور معملي ليلا .. ويتساءل عن الخطة القادمة ... أقدم له نصيحتي الأغلى
(الأحزاب تأكل بعضها ... ان لم تجد ماتأكله)
أقوم لاحضار دوائه المهديء بنفسي ... قبل أن ألتفت لتغيير مريب حدث بالمعمل
أين اختفت الجثث التي كنت أقتطع منها لصناعة جثة ابراهيم ؟!!
توقفت شعرات رأسي وأنا أدور ببصري في المعمل ... أتراجع بظهري مصفر الوجه  نحو المشير منتظرا شبحا  خلف كل زاوية ... يعاجلني المشير
"ماتشغل لنا شوية مزيكا؟"
التفت له زائغ العينين لأفاجأ  بأرعب مارأيته حتى تلك اللحظة
كانت عينا المشير منزوعتين من تجويف الجمجمة ... كأنما لم يكونا هناك يوما
أتراجع مذعورا بينما هو يتساءل عما دهاني ويأمر بتشغيل الموسيقى بصوت أعلى ... ومن خلف زوايا المعمل المظلمة .. خرجت لنا الجثث  بأطرافها المبتورة .. تقترب وتحدق ... قبل أن ترتفع في المكان أصداء مألوفة صنعت لحنا غريبا
توك توك توك .. تاك تاك .... تاك
"العيار اللي مايصيبش ... يسطل "
أصيح مذعورا
" سيادة المشير!! .... انت مش شايف حاجة ؟!!"
لم يبد عليه أنه سمعني من الأصل .. كان صوت اللحن يطغى على كل شيء
توك توك توك .. تاك تاك .... تاك ... توك توك توك.. تاك تاك ...تاك ..توك تراك توك توك .. تاك تاك .... تاك ... توك تراك توك توك.. تاك تاك ...تاك
هسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس(صوت فحيح لغاز متسرب في خلفية الايقاع)
يتناول يدي  لنرقص الفالس على صوت الرصاص المنبعث من كل مكان ... صوت الغاز اللامرئي ينبعث من حيث لاتدري ... عيون الجثث جاحظة مركزة علينا بشكل غريب ...
بغضب تنظر ... باتهام تنظر ... وتعدك بشيء ما لاتدركه .. لكنه مرعب
توك توك توك .. تاك تاك .... تاك ... والكثير من ال(هسسسسسسسسسسسسسسسسسس)
ووسط كل هذا كنت أدور ... ويدور المشير...
بعد منتصف الليل ... يتبخر كل هذا ... وأظل بمفردي في المعمل ...
لكنني أقسم أن الجثث قد اختفت ..فلم أعد أراها
___________________________
عندما يأتي لمعملي يوما ....ويهمس في أذني
"أم (السيد) ... عاوزة (السيد) "
أدرك أنني قد عدت لنقطة البداية ...يأمر لي بسيارة تنقلني الى حيث الجثث ..أستعيد منظر جثة ابراهيم .. والجثث السبع الممزقة .. وأرتجف ...
كل ماأحتاج اليه هو جثة صالحة للبدء
....وبعض الشجاعة
أسترجع الشعار المقدس
(مع المشير ... ذلك أفضل جدا)
يمكنني القيام بهذه المهمة حتى يوم الدين ... لكن ماذا لو سقط النظام؟!! ... من مصلحة الكثيرين ألاّ أظل حيا .. قد تفتك بي رصاصة غادرة ... وقد تكون هذه الرصاصة من مسدس المشير ...أنفض تلك الصورة عن رأسي وأشرع في أداء مهمتي... هناك أشياء في هذا العالم قد لاتود أن تراها
يعتبرني البعض الرجل الذي يجلس خلف الستارة .... الرجل الذي لايعرف أحد أنه موجود أصلا .. لكنني لم أعد واثقا بشأن من يحكم الآخر .. أنا أم المشير
أعتقد لسبب غامض أن النهاية قد اقتربت كثيرا ..هياج الناس يتزايد... صوت الرصاص لازال مستمرا ... العيون الجاحظة تطاردني...وعينا (ابراهيم) ...حتى أحلامي...
جثث ... ثم جثث ... والكثير من ال(هسسسسسسسسسسسسسسسسس)
 
ودبوس في جيبي استخدمته يوما .. أحتفظ به ليوفر عليّ رؤية مشهد النهاية   
;