أيها الزائر قبري .... أتل ماخط امامك

Saturday, June 17, 2017

وقالوا لي .. لن تمرّ



الصورة دي , بالبصّة ومسكة النظارة والحاجبين المرفوعين .. ظلّت تمثل لي عقلية قائمة بذاتها.. عقلية الحرس اللي قاعدين على البوابات مهمتهم الوحيدة أن يحولوا بينك وبين أي شيء يخلي حياتك أسهل أو أكرم أو أكثر آدمية .. مهمتهم جعل حياتك جحيم مستعر .. بيدفنوك في حفرة عميقة من اليأس و كراهية الذات ..صورة بتختزل معاني كتير من العند والصلف والتحجر 

عقلية  (لن تمرّ) .. كان غيرك أشطر

أنظر لوجوهكم المتعصبة فأمتعض , وأتمنى فقط أن أراكم تتألمون .. وتتطوحون من فوق كراسيكم هلعا بحثا عن نجاة مستحيلة.. وتتبدد ابتسامة الثقة الكريهة من على سحنكم الغبية عندما تنقلب الموازين ,  فهي – لعمري - تتبدل ,لكنكم لاترون أبعد من عشب الحقل القريب

أنتم تريدون النظام  IN ORDER WE TRUST  ..فجحيمكم هو مالاتتوقعون , والنظام هو جنتكم ,جنة الحمقى الشامخين كجبل, جبل من التفاهة قام ركامه على البلادة والنطاعة وتحلل الضمير
أنتم متصلبون , ككتلة دهن متحجرة في شرايين عجوز تكاسل فيها الدم وركد , وأرسل نذيرا متكررا بالجلطة الموعودة لكنكم لاتعبئون
أنتم فظّون مقززون , لكن قناع التحضر هو الشيء الوحيد الذي يحول بيننا وبين أن نتقيأ في وجوهكم قرفا
لسان حالكم  ,لن تمرّ من هنا (احنا مش نايمين على وداننا)..فأنتم  حماة الحمى وصمامات الأمان

يسترخون في كراسيهم وينظرون لك من فوق النظارة بتعال ويخبروك بالمادة 52 من قانون رقم 211 في شئون الحائرين للعام 1700 ق.م.. ثم يرسلون لك نظرات التحدي عبر المكتب المزين بلافتة المنصب المهم ... لن تمرّ , لن تمرّ

يغلقون ملفك ويدفنون أوراقك في غياهب الأرشيف .. ويتثائبون قائلين (اللي بعده) .. لينتصب فرّاش المكتب وينتفش ساحبا إياك من حيز النفوذ ,فلقد نلت فرصتك وسلّطت عليك الأضواء  , And U Got Your 15 Min . Pal !!

لن تمرّ .. لن تمرّ

يصمّون آذانهم عنك , فالسمع ضعف وابتلاء .. كما أنك منفذ سيطرتهم الوحيد .. ومتنفسهم من الهزائم والأحقاد التي غصّت بها مكاتب ولاة الأمور , ..هؤلاء المفعمون بروائح التبغ , المزينون بالنظارات السوداء المهيبة  وزجاج السيارات (الفاميه) والألف حارس وحارس يتقاطرون حول مواكبهم ويهرولون كسعي الحجيج .. بصدورهم العريضة , وقد اعتمروا جميعا سماعات (الناب الأزرق) المخيفة والتي تكفي همسة فيها كي تجد نفسك خلف الشمس ,في مستعمرات العصاة

لن تمرّ ..لن تمرّ

وحده الموكب يمر, وأنت واقف تنتظر تحت شمس حارقة ..والأرض تغلي تحت قدميك تاركة علامة على الأسفلت الطري الساخن .. والعرق نهر يتدفق دون بهجة .. وبحكم الواقع أنت في اللازمن .. خارج السياق .. واقفا بانتظار همزة وصل تسترسل بعدها كلماتك .. لكن الكلمات تتوقف في حلقك ,فترى نفسك جملة منسية في جمع مهيب أصم , لايصغي حتى لصوت الأفكار .. فلا أفكار تحيا في هذا الجحيم .. يبس عقلك كلقمة خبز متحللة .. وأدركت أن لعنة الجمود قد أصابتك وأهدرت وعيك في انتظار وشجار .. صرت متصلّبا مجنونا.. أثاروا فيك الغريزة ثم جبّوا ذكورتك .. ومن كتلة الغضب الهادر .. خرجت بلسانك وسلاحك على أضعف رفاقك وأقلهم بأسا .. وهتفت به  في شجاعة حيوان جريح

لن تمرّ .. لن تمرّ

سيبيعون أجزاءك , ويغلّفونها ,متاعا مستباحا .. ستصرخ  مستجديا لكنهم لايسمعون .. فالسمع ضعف وابتلاء كما عرفت .. ستحاول استعادة أجزاءك المباعة وبقاياك المبعثرة على طاولة العرض .. ستضرب رأسك بالجدران حتى تنزف دما ودخانا .. ستحاول الوصول إليهم .. محاولا الظفر بعفشك وكراكيبك.. لكنهم سيحولون بينكم بالحرس والمتاريس , سترى أجزاءك تتبدد في أيدي الزبائن بينما البضاعة تعرض وسط الأناشيد والمهرجانات الملونة .. وستقطر الحكمة من أفواه الباعة وترفرف الأعلام فوقهم ,ويصدح المكان بموسيقى التهنئة والمصافحات الرسمية المصوّرة .. سيضحكون كأنما كتب لهم النصر المبين .. يسخر منك جيرانك وزملاؤك وأولئك الذين وقفوا معك تحت الشمس بانتظار الخلاص من الموكب الطويل .. يضربوك في حقد قائلين (اضحك .. اضحك يابن الكئيبة) .. ستصيح بالحرس معترضا حانقا .. (أريد المرور .. فتلك أجزائي التي تبيعون) ,  سينظرون بذات النظرة من على مكاتبهم في استعلاء ..وينبعجون على كراسيهم  .. يرفعون النظارة بثقة وقد تكدست أمامهم أوراق الملكية ويقولون 


اخرس .. فأنت أبدا لن تمرّ  

Thursday, June 08, 2017

الراقصون على القرميد


 (من وحي أدب الاعتراف)

قد تكون أكبر خطيئة عملناها في حق البشرية وفي حق أنفسنا .. هي خطيئة (الساركازم) اللي بقت نهج للتداول مع الواقع .. أي موضوع غالبا بيتم افراغه من مضمونه أو جديته ..وتقحم فيه النكتة أو الإفيه .. وسخرية التناول بتدي انطباع بالنضج وعمق التجربة .. وبتدي  أيضا انطباع باللامبالاة وهي متعة لاننكرها في خضم الأحوال المزرية للبلاد والعباد.. وبتحطك في منطقة أمان من سخرية الآخرين (لأنك قررت الانضمام للمعسكر الرابح) ياحبذا لو بدأت بالسخرية من ذاتك ..من باب (حط على نفسك قبل ماحد يحط عليك) .. بالإضافة إلى شهوة ادعاء الحكمة (التي يمارسها كاتب السطور بلا توقف) فهي أشهى من العسل والجنس وشطائر (البيج تيستي) مجتمعين
المشكلة اننا تحولنا مع الوقت فعلا ..احنا مابقيناش ب(ندّّعي) اللامبالاة ..احنا بقينا لامبالين فعلا ..أقل احساسا أو ندما بلا لحظة مراجعة ..احساسنا بالواقع حوالينا بقى مشوّه او ممسوخ .. كأنك بتتفرج على الدنيا من ورا شباك الحمام المصنفر .. كل شيء بقى باهت 

بالتدريج بقت المادة الحياتية/السياسية/الاقتصادية/ الدينية هي الموضوع اللي هنجرب عليه منهج الساركازم العظيم .. وتاثير المنهج دة على المادة .. مش مختلف أوي عن تاثير الاشعة المستمر على الحيوانات المنوية .. أصبح الفكر (عذرا للتشبيه ) مخصي .. ولم يعد هناك (رغبة) أو (قدرة) على التفكير المثمر .. وأصبحت أقصى الآمال الإنتاجية هي ممارسة (الاستمناء الفكري) للتحرر من ضغوط الواقع
تفكير لايثمر عن ذريّة ..تاهت الحقيقة .. وضاعت الحكمة.. وذاب الفارق بين الواقع والإفيه و(انتزعت القداسة عن الأشياء) و(تحرر العالم من سحره وجلاله) .. لكن من يأبه .. انت عارف بكام كيلو اللحم ..أو تذكرة السوبرجيت أو (الاستاف الجامد) ان وجد عزيزي الكييّف؟

توحش (الساركازم) لدرجة انه بيطلع قبل الخبر نفسه .. وبيخليك تتحزب وتتحيز قبل ماتفكر اصلا .. (الخبر في السياق الساخر يخليه هذي او كذاب او شرير) .. والحمد لله تفكيرنا المعتدل بيخلينا مكونين رأي مسبق قبل مانفكر اساسا ..وبعدين نختار من ظاهر الأحداث صور منتقاة تدعم بيها رأينا اللي موجود سلفا !! (ايوة احنا المركز الأول على العالم في المسلّمات والتنميط والروشتات الجاهزة.. فافتخر , لأن التعليم والصحة والشفافية والأمان وحرية الرأي مش كل حاجة ) 0

بقى من توابع المنهج دة ..انك بتضعف بيه السياق والترابط لأي موضوع .. أصبح العالم الجاد أو المفتي الحقيقي مالوش مكان بيننا..لأن كلامه بيتقابل باستهتار أو بيحوّر بابتذال ..بيتسف عليه .. والأكثر أمانا بالنسبة له انه ينأى بنفسه عن المرض ويرفع ثوبه عن لجة مياه المجاري اللي احنا عايمين فيها , و(يتقافز على قطع القرميد المتفرقة) عشان يواصل طريقه بسلام
 او الأسهل .. ان يسبح مع التيار ليعزف (مايطلبه الجمهور)0
صار هذا هو اسلوب الحياة المفضل الذي اختاره السواد الأعظم من الناس ..ولانزكّّي على الله أحدا ,فأسوأ الناس هو كاتب السطور ربنا يهديه
فجأة الكل بقوا سياسيين محنكين ..واقتصاديين بشوات ..ورجال دين  وخبراء مفرقعات وحملة كلاشنكوف .. ذوي بديهة حاضرة وحس فني عال .. ولسان طويل ..وضحكة (ياو مينج) وضمير الأستاذ (أحمد خميس) بعيونه اللائمة .. وبرود الضفدع (كيرميت) وهو يختتم حكمته ب (ياولاد المرة)0
المشكلة ان كل المعسكرات على اختلافها وتطرفها برعت في استخدام نفس المنهج بلا توقف .. وهو مايتركك حائرا بائسا في المنطقة الرمادية .. واقفا على قطعة القرميد خشية السقوط في الوحل

ربما لاتزال المنطقة الجافة نوعا والبعيدة عن بركة المجاري هي منطقة الأحلام والأماني.. لكنها تنكمش ببطء .. وأغلب الأماني صارت تنحصر في (امتى الفرج؟) .. متى يأتي المخلّّص/ المسيح/ المهدي المنتظر؟.. متى يموت (ولاد الوسخة)؟... امتى ييجي اتوبيس 357 اللي بيروح الهرم؟ .. امتى هينزلوا آيفون بشريحتين؟ ..امتى صورتك في المراية تبقى هي صورة بروفايلك؟ امتى ..امتى ..امتى ؟
لكن دعك من مزج الجد بالهزل فهي خطيئتي المفضلة ..كما أن تلك الأسئلة لاترقى للسؤال الوجودي الأعظم

هو برنامج (رامز جلال) ..بجد ولّا اشتغالة ؟!!0

Monday, May 23, 2016

نار التدوين .. ولا جنة الفيس بوك

أقّر أنا الموقّع أدناه

أنني كفرت بمواقع التواصل الإجتماعي .. وكفرت بالتنظير والتنميط والأحكام المسبقة .. وضفادع (كيرميت) ووجوه (ياو مينج) اللامبالية , و(أساحبي) الساخر الأبدي .. وتكتلات الشحن والصديد , وسراب التدين وعصارة التنمية البشرية التي تنز من الجدارن الزرقاء المفعمة ببهجة (اللايكات) , واغواء (الكومنتات) .. وأستعيذ من شر النفس الأمّارة بالشير

هاأنذا أعود لبيتي القديم .. بعد طول فراق .. أعيد ترتيب الدار وأمسح الأسطح المترّبة بلهفة المشتاق إلى الجحيم الرقمي البائد بعد أن استشرى الداء الأزرق في النفوس  واعداً بجنته المشتهاة على يد النبي الزوكربرجي المختار

هاأنذا أستعيد الذكريات السعيدة  عندما كان التدوين وصالا بلا استجداء .. بلا (إيموشن) .. بلا تعليقات مصوّرة  .. تائباً - ولو مؤقتا -  عن شهوة الإعجاب وإشعارات التقدير .. هاوياً من جنتكم الزرقاء الفاتنة كالملائكة الساقطة إلى الأرض المظلمة سعيا خلف الإحساس القديم المألوف

-----------------
في اللحظة الأخيرة لم أقاوم شهوة نشر التدوينة على (الفيس بوك) .. ضعفا بشريا جُبِلنا عليه ..ووجبةً ساخنة للباحثين عن البارادوكس بين السطور

Bon Appَetit


Saturday, August 25, 2012

رمضان كريم فشخ

نظرا لطبيعة هذه التدوينة , فضلنا تأجيل نزولها حتى لانثير حفيظة المتدينين والصائمين .. أما بالنسبة للذين يعنيهم المقال .. فهؤلاء لن نقيم لهم وزنا
______________________

اذا أردت شيئا بشدة أطلق سراحه ... فان عاد اليك ..... ابقى قابلني
______________________

عندما كنا صغارا في المدرسة .. كانت تؤرقني تلك الجملة التي يكررها الأستاذ كلما أراد ان يعاقب بعض الصيّع وهو يردد بحاجبين معقودين وبلهجة لاتقبل النقاش :-
0

(انتوا أوسخ فصل في المدرسة)

الحقيقة أن تلك الجملة تلازمك في كل المراحل الدراسية حتى أنك بدأت تتساءل جديا اذا كانت ادارة المدرسة تتعمد وضعك انت بالذات في الفصل الأوسخ على الدوام .. وتتمنى أن ينقلوك الى أحد الفصول النظيفة الأخرى.. والمثير ان هذا الهاجس  يشغل دماغ جميع الطلبة وكل منهم موقن ببرائته وسط هؤلاء الأوساخ الآخرين... والنكتة الحقيقية ان تلك العبارة الخالدة تتكرر يوميا في جميع الفصول ... حتى بات الجميع يعتقدون انهم وحدهم .. (الفصل الأوسخ)
0

كبرنا وكبرت معنا تلك الأسطورة ... كنت تتعلم في الفصل الأوسخ .. وتعيش في الشارع الأقذر ... وتتعلم في الكلية الأسوأ ... على المدرجات الأحقر ... تدخن أردأ السجائر ... تشرب مياه النيل الملوثة اللعينة ... وتلتهم الطعام المسطرن الخبيث ...وعندما تمرض تعالج في أسوأ مستشفى حكومي ... على يد طبيب امتياز المفترض أنه حمار ... طبعا لتكتشف ان الدواء لايمنحك التأثير المطلوب ...لأنه ليس مستوردا ... انه من شركة مصرية وبالطبع هي الأسوأ ... (لاتنس أبدا اننا الفصل الأوسخ) ... مهنتك أسوأ مهنة ...وراتبك أقل راتب ... وحياتك أردأ حياة ... فقط الآخرون هم السعداء ... الآخرون في الفصول المجاورة

لذا لك الحق .. كل الحق في أن تردد من آن لآخر ... أي حال هذا ؟!!
0

الهاجس الأعظم في قصة (الأوسخ) هذه هو التقدير المادي ...ونظرة مدققة منك على خريطة التعاملات الانسانية والسياسية .. ستخبرك أن المحرك الحقيقي لكل الصراعات هو في جوهره محرك اقتصادي بحت.. حتى وان اختفى خلق قناع سياسي أو ديني أو عرقي (أوعى يغرّك جنسك) .. المال يصنع المعجزات .. يحرك الجيوش .. ويزلزل النفوس .. وهو كفيل بزحزحة القارات واعادة تشكيل الكوكب

فتش عن العملة

المشكلة أن عنصر المادة .. خلق دوما ليكون نادرا .... ولو كان لديك جبل ذهب لطلبت جبلين ... وعلى صعيد آخر لو طلبت من حارس جبل الذهب بعض الفكة ... لتعلل قائلا بأن (البند لايسمح) ... وهوة عنده جوة

كمّ المليارات التي انفقت على بهرجة الاعلام الرمضاني الماضي تؤكد ان (عنده جوة) ..وسيثير سخريتك بعد كل هذا البذخ والسفه , طلبات التبرعات التي تأتي بين فواصل الاعلانات التي بين فواصل البرامج والمسلسلات اللانهائية التي تكلّف أقلها أربعة ملايين جنيه .. وستصاب بالغثيان وانت ترى أكثر من مليار ومائة مليون من الجنيهات تطير عبر الأثير حرفيا ..وتجعلك راغبا في البصق بقوة بين عيني أي عيل متني يخبرك أننا في أزمة اقتصادية طاحنة .. يانهار اسود .. لقد توقفت عجلة الانتاج اصلا... ياخبر ياخبر!! ... نحن مضطرون يارجالة لتسليم مؤخراتنا الى صندوق النقد الدولي !!
0

حقا !!... رمضان كريم فشخ أوي مع بيبسي ... صدقت ياامرأة !!
0

دعك الآن من لغة الملايين السابقة ولنتحدث بلغتنا الأصلية ... لغة المئات والفكّة ...تأمّل معي الوضع ... أنت تعمل خارج الجدران الحكومية بغية تحسين دخلك ... طيب ... القطاع الخاص يمنح رواتب أفضل ... لتمارس فيه نفس مهنتك ... لااراديا ستصبح كالمرتزقة ويتحول ولاءك لمن يدفع أكثر ... عندها ستهمل عملك الحكومي ... وتتجه اليه قرفانا عصبيا بانتظار ساعة الانصراف ... هنا يزداد العمل الحكومي كآبة و قذارة وسوءا لأن الجميع تركوا العمل الأساسي لصالح العمل الاضافي... وعندما تزداد وساخة القطاع العام ... نتجه لا اراديا (منتجين ومستهلكين) الى القطاع الخاص ... فيزداد الأخير انتعاشا ... وتتحول الحكومة الى مزبلة ... مجرد شيء قبيح ومجعد ومقرف ككيس صفن لعجوز جربان ... والمدهش أنك تبذل نفس الجهد ... وتحقق نفس الربح في نفس الدولة .. ومن الممكن جدا أن يتجمع كل هذا في مكان واحد ... ويصبح هذا المكان هو القطاع العام ... فلماذا هذا التعقيد بدين أبوهم ؟!!
0

(أهم حاجة .. ان الميكس يظبط معاك)

سنتحدث عن الطب مثلا .. بغض النظر عن افتقاد أغلب الأطباء للتقدير المادي لكن هذا لن يبرر وحده كل هذا الضجيج والاعتصامات... هناك أشياء أضخم ستشعر انك فقدتها ... قديما كانت مهنتك تعني الاحترام .. والمادة ... وكل شيء ... ثم شيئا فشيئا انسحبت المادة ... وتركوا لك الاحترام واللقب ... ثم بدأت طبقة الاحترام تتآكل وتتآكل حتى انهارت فتجرأ عليك أنصاف الناس وأشباه البشر

هل تعلم كيف يكون العمل تحت تهديد السلاح ؟!!
0

الناس لاتحترم سوى لغة القوة ... دعك من الصبر والرومانسية التي تدعوك للتحدث بالذوق ... لغة الزعيق والشخر والنطر هي سيدة الموقف في هذا الزمن الرديء ... هي مايجعل حيوانا جاهلا يسبك ويعتدي عليك وأنت تمارس عملك دون أن تطلب سوى كرامتك... ثم يجيء هذا الرمّة ويتبول في سرواله عندما يقف أمام البيه الضابط الذي كان يستمتع بادخال العصا الخشبية في مؤخرته ...وتأتي بعد ذلك لتطالب بحقك في الرزق والكرامة والحماية... فيجيبك مسئول متورد من أولئك الذين (تعرف في وجوههم نضرة النعيم) بأن عليك أن تتحمل وتصبر لأن هذا ليس وقت المطالب الفئوية !!!
0

(أنا عايز أعيش)

تذهب لعملك وتعمل تحت سيل السباب والمطاوي ... دون أمن أو شرطة (لأنهم الوحيدون اللذين يحق لهم الاعتصام وهجر عملهم دون أن يلاموا من المجتمع ..لأنهم مأموصين) ... فقط من باب الحماية لاترتدي الباطو الأبيض حتى تستطيع الهرب عندما يأتي بعض الأهالي الغاضبين ليحطموا الاستقبال لأن ابن أخيهم العاطل السكري الشمام قد ذبح ذبحا في خناقة بالمطاوي ولم ينقذه الأطباء الحمير الفشلة ...
0

(ماتقولش على نفسك كدة .. انت جميل)

قد تنجو .. وقد تأخذ نصيبك من العلقة ... وقد تلجأ للقانون وتحرر محضرا بحثا عن حقك ... لكن ضد من ؟!! ... لقد تفرق دمك بين القبائل يامعلم... تفكر انك ربما لاتذهب لعملك ... تهدد بعمل اضراب حتى يعرف الجميع قيمتك ... عندها يهددك المسئولين الكبار بالجزاءات ... وعندما لايجدون فيك أملا يخاطبون فيك الانسان .. (العيان ذنبه ايه؟!!) ...ويخرج أحد الفنانين الظرفاء ليتهكم على الموضوع برمته ليقول ببرود ... (خلاص ياعم .. أنا هحاول ماأعياش يوم الاضراب بتاعكم !!) ...دمّه شربات المضروب .. هذا الذي عندما يبتلى بدمّل خلف أذنه يسافر للعلاج بالخارج بعيدا عن هموم وتعاسة هذه البلاد ...

(أصل يافطة الاعلان وقعت على دماغه)

وفي النهاية يجتمع الكبار ويستمعون لشكواك ..يبتسمون متفهمين ثم يربتون على كتفك قائلين.. احنا عارفين قيمتكم كويس .. وعارفين ان مطالبكم مشروعة .. واحنا بننظر لها بعين الاهتمام ... ياسلام !!
0

كل هذه السنوات .. ولازالوا ينظرون!!؟ ... المعلم مبسوط منك وبيقولك حمرا... هذه الأوضاع ستصيبك عزيزي المستمع بغثيان وصداع مزمن ...وجفاف في الحلق .. وتهتك عنيف في الخصيتين اذا كنت لازلت محتفظا بهما بعد كل تلك الوعود والتصريحات 

(أشيائي ... أشيائي الله يخرب بيتك عملت ايه؟)

ماذا نطلب بالضبط ؟!! .. وممن ؟!! ... الحقيقة أننا بعد كل تلك الأعوام ... لم ندخل بعد مرحلة الفطام ... الفطام من فكرة الكبير الذي يحل المشاكل ونتوجه له بالسؤال ... لو سمحت ياكبير ... عاوز أتعالج ... لو سمحت ياكبير .. عايز شغل ... بعد اذن الكبير زودوا المرتبات عشان نعرف نعيش ... والنبي ياكبير .. الغوا القنوات الوسخة من ع الدش .. أصل أنا واطي وممكن أضعف ... ياكبير.. ياكبير ... ممكن تغيرلي .............؟ الدستور يعني ..
0

بدأت أؤمن أن المسئول .. ليس بأحسن حالا من السائل ...هو نفسه يبحث عن كبير آخر ليتسول منه بعض الفتات... المسئول نفسه يعيش معنا بنفس المبدأ .. ويعتنق المذهب القديم اياه ... مذهب (أوسخ فصل) ... ومؤمن أنه هو شخصيا مظلوم ومرهق ولاأحد للأسف يقدّره .. هو وحده يشكو ويتألم ... هو وحده الذي يعيش في عهد الحكومة الأوسخ.. هذا وحده يبرر الجرأة على المال العام واستباحته وكأن الفاسد السارق القابع على جبل الذهب يحسب نفسه روبين هود بدين أمه ... فاذا كانت معاناة رب البيت سببا في ضربه للدف ... فماذا تحسب أهل البيت بعد الدف فاعلين؟!!
0

هشتغل فنانة يابابا ...
0

فنعلنها على الملأ ... مادمت تؤمن أنك تعيش في الغابة .. فلتحتكم الى شريعتها ...ومادمت تفتش عن العملة فليسلك كل منا طريقه الخاص ولينج بنفسه دون أسئلة أخلاقية مزعجة ... اهرب سريعا من القارب المحترق على أول طائرة ... افتح مقهى أو مطعما أو كباريها (لو وجدت موضعا خاليا في الهرم) .. اعمل بالفن حتى لو بدأت حياتك كموديل بوكسرات ... لو أمكنك أن تعمل بالدعارة فعليك بها ... مكسبها مضمون ... لأننا أكتر شعب يمارس الحرام وهو يلعنه في نفس الوقت (مش فاهم ازاي) ... أي مهنة شريفة بس مانتمسكش .. وليسقط الحق ... ولتسقط الأخلاق ... ولتذهب المباديء الى الجحيم ... أنا ذاهب للكاريبي كي أكون قرصانا ... وبالطبع سيأتي القبطان الأعور ويخبرني أنا وزملائي القراصنة أننا (المركب الأوسخ) في عرض البحر.. فلقد صار الجميع يمارسون نفس اللعبة

هل حلت بنا لعنة ما ؟!! ... هل ابتلانا الله كما ابتلى آل فرعون بالجراد والقمل والضفادع والدم ؟!!
0

طيب ... حيث اننا (الأوسخ)... ففي هذا المبدأ تربة صالحة لاحتضان نظرية المؤامرة ...
0

تعال نطبق النظرية على المؤسسة الصحية مثلا ... واذا صادفت النظرية هوى في نفسك .. فيمكنك تعميم التجربة على باقي المؤسسات

ماسر التلكؤ الجماعي المريب من المسئولين في محاولة اصلاح الأمور أو على الأقل منعها من التدهور أكثر؟!!
0

هناك حالة برود وتلامة لامتناهية أصابت العاملين في هذا القطاع بحيث بدا ظاهريا أنهم فاقدين للأمل في محاولة الاصلاح .. وتركوا الآلة المتهالكة ..تدور بالقصور الذاتي ... ووقفوا بجوارك متأملين الوضع بسذاجة الأبرياء !!.. والغريب ياأخي (شوف ازاي؟!!!!) أن الأحوال لاتتغير أبدا!!! 
0

ثم تقام المؤتمرات والندوات ... وتعقد الاجتماعات لبحث الحالة ومعرفة سر الأزمة (كأنه سر شويبس بدين أبوهم) ... ثم يخرجون منتفخين أمام العدسات والمايكات ليعلنوا أنهم قد قرروا عقد لجنة لدراسة اقامة فريق بحثي لمناقشة جدوى مطالب الجماهير ...!!!!
0

(معرفتكش انا كدة بقة ؟!!!!
0)

وبالطبع تظل المكنة على حالها العاطلة ... ويزداد التجاهل ... فتزداد نقمة ولعنا في السادة المسئولين ... وتظل تهتف وتصرخ وتبربر حتى يسمعوك من أبراجهم العاجية ... وتقسم أنه لابد من وقفة احتجاجية ... هنعمل اضراب يارجالة ( بس مش اضراب أوي) ... وهنوقف شغل المستشفى (بس حتة منه مش كله) ... وهيبقى جزئي مش كلي (كلّك ذوق .. ياأمير) ... ثم تهدأ الضوضاء وتعود الأمور الى خانة البداية .. وتعود أنت الى حياتك المعتادة كعودة امرأة يائسة بعد فترة خصام الى احضان زوجها السكير ابن الوسخة .. فليس لها حضن آخر يئويها

أوقف الكادر وحياة أبوك ...وتأمل معي تلك الحقيقة المرعبة

لاأحد في مصر يستفيد من حل المشكلات قدر استفادته من الكلام عنها

وربما كان كاتب هذه السطور واحدا من هؤلاء

طيب ... توقف عن الكلام .. وتأمّل الصورة الكبيرة ... لتجد نظرية جديدة تولد ببطء

ان الذين يصرخون ليل نهار لحل المشكلة ... هم أنفسهم لايريدون حل المشكلة

اذا .... لماذا يصرخون بحق السماء؟!!
0

هناك ملايين الناس في بلدك .. يريدون كل شيء دون أن يدفعوا ضريبته .. فاذا جد الجد .. وطلبت منهم الالتزام الذاتي .. سيعودون لمنطقة جزائهم مذعورين ... يريدون النظام (بس أمشي براحتي في الشارع وأركن على مزاجي) ... يريدون الأمن (بس هشيل سلاح عشان أطلع دين اللي يزعلني) ... يريدون راتبا أكبر (بس شغلي مايزيدش ساعة واحدة) ...يريدون انتعاشا اقتصاديا (بس نبعزق على الانتاج التلفزيوني براحتنا).. يريدون تحسين الخدمات والمرافق ( بس محدش يقولي وفر واقتصد .. مش عايز حاجة في حياتي تتغير) .. افعلوا أي شيء .. ولكن لاتقربوا أشيائي ... اتركوا لي عالمي ومسلسلاتي وحفلاتي وألعابي ووصلة النت وآيفوني الجميل

الصراخ في حد ذاته يريح أعصابك ويخرج غضبك .. ويخرج معه أي طاقة ستحتاجها للعمل البنّاء الحقيقي الذي - نكرر - لاأحد يبغاه فعلا ... الجميع يخاف من فكرة الالتزام خوفه من الايدز ... كما أن الصراخ دون بصيرة .. يعمي عينيك عن تأمّل أصل المشكلة والتعلق بالأهداب والفروع ... الجميع يعلم تلك العقليات التي صارت تملأ النت لتحلل السكنات باعتبارها شفرات خفية .. أنصار مبدأ (العباية ع اللحم) الشهير ... تجاهلك للمشكلة الحقيقية .. شبيه بأن يكون تعليقك الوحيد على هذه التدوينة هو ( رباه !... انها حافلة بسب الدين والألفاظ البذيئة!!)
0

في وسط هذه الضوضاء ... من المنتفع الحقيقي ؟

بالطبع لست ساذجا لتجهل أن هناك من يستفيد من فكرة بقاء القطاع العام كئيبا موحلا كالمراحيض العامة ... ليتحول القطاع الخاص الى جنة المأوى

فتش عن العملة

تخيّل ... ان الدولة أقرّت (بعد الشر يعني) ... كادار خاصا لرواتب العاملين في المؤسسة الصحية ... مبدئيا سيكون هذا جزءا من تدفق مادي غزير يروي تلك المؤسسة بعد طول عطش (لأنك سترفع ميزانية الوزارة ككل)... ولو استطعت بميكانيزم ما .. منع التسرب من ذلك التدفق (الاهدار والسمسرة والسرقات وكافة هذه القذارات) ... فستضخ المياه في طريقها الطبيعي ... ليتحسن المستوى والأداء ... لأنك ببساطة طوّرت البنية .. وشجعت العاملين بها

أما البنية والأجهزة والمعدات ...فهم يهملون صيانتها حتى تهلك ..أو يقومون بتكهينها دون سبب .. بينما تجد مثلها في المستشفى الفاخر مغلفة ببعض الكريم شانتي المحبب.. وأما العاملين ... فلا تكن جحشا ... الدكتور الذي يعالجك في الحكومة فتسب له الدين ... هو عينه الذي يقابلك بود والعسل يخر منه في المستشفى الخاص التي يعمل بها بعد الظهر لتحسين دخله

ماذا يحدث حينئذ ؟!!
0

أولا .. سيصبح القطاع الخاص مجبرا على مجاراة رواتب القطاع العام ليحافظ على فرق الرواتب الذي يبرر تميزه (والا انتفت الحاجة اليه) ... هكذا أنت تقتطع من الرغيف جزءا أكبر.. وهو الأمر الذي سيخفض من حصة باقي الأطراف التي ستصارع لاستعادة لقمتها  

ثانيا سيضطر القطاع الخاص الى رفع مستويات الكفاءة والخدمات أكثر بكثير مما تراه الآن .. قبل أن تضمحل الحاجة الملحّة التي تدفع الناس دفعا للتهافت المحموم على العيادات الخاصة والمستشفيات النظيفة ... تلك التي يمتصون فيها دماءك ثمنا لطبقة الكريم شانتي ليس الا...
0

يعني من المنطقي أن أصحاب المصالح هم الذين يضغطون باستمرار لسحق القطاع العام ليصبح على الصورة المذكورة أعلاه

طيب ... تعال نعود الى عالم الواقع ... والذي يقول ... ان القطاع الخاص ليس شيطانا رجيما ... ففي العالم كله ... القطاع الخاص يعني مستوى أعلى من الخدمة ... يعني أن هناك حد أدنى من الخدمة الآدمية يوفرها القطاع العام ... فان أردت المزيد ... اتصل الآن ... لتحصل على الخدمة الفشيخة بالمقابل الفشيخ

في مصر ... القطاع الخاص يمتص دمك ليقدم لك الحد الأدنى من الخدمة (التي هي حقك الطبيعي أصلا) لاتجعلهم يخدعونك... والله العظيم ان الرعاية والنظافة والاهتمام هي حقك البدائي ... نقطة الصفر ... جراوند زيرو .... لذا من المنطقي أن تكون الخدمة الحكومية .. تحت الصفر بكثير (والا ظهر القطاع الخاص بصورة من يبيع الهواء في زجاجة) 0

لكنك تعيش منذ سنوات في خدعة التعليم المجاني ... والتأمين الصحي ... والسلعة المدعمة ... تلك المجانية الوهمية في عصر الخدمات منزوعة الدسم ... وهو شكل من أشكال التضخم الذي أخبروك به في علم الاقتصاد وهم يتحدثون عن القوة الشرائية للعملة... حيث أنك تملك الكثير... لكنه لايشتري شيئا

كثير من العلاج .. وكثير من المرضى ... الشرطة تملأ الشارع بلا أمان حقيقي ... مدارس كثيرة وجهل أكثر... برستيج بلا كرامة .. وفاكهة بلا طعم ... وبلد المليون مئذنة ولحية ونقاب .. لكنها وحياة اهالينا لن تشتري الجنة رغم ايماننا الظاهري الساذج

هذا هو التضخم الحقيقي ... بالمفهوم الأشمل من العملة

أما العملة .. فأنت متأكد الآن أنه يوجد الكثير منها .. لكنك لاتعلم .. الى أي اتجاه تذهب

وأما قيمة العملة ... فقد ذهبت مع كل القيم الأخرى بضغطة زر .. دون المرور بسلة المهملات

لذا ... عندما يمنحوك الكثير من تلك العملة بعد طول مباحثات وصراعات .. افرح قليلا .. لكن تأكد ساعتها ..أنها لن تشتري شيئا حقيقيا

فتش عن العملة

أو ربما عليك فقط أن تغير عنوان بحثك .. فقد تظهر لك نتائج مختلفة

تذكر .. لو كنت ترى نفسك بريئا .. فلست البريء الوحيد الذي يجلس في (الفصل الأوسخ)...0

في الواقع .. لاأحد في شاوشنك مذنب من الأصل

حقا لقد كان رمضان كريما .. كريما جدا .. لأنه كشف حجم الأكذوبة التي أطلقها حراس جبل الذهب

________________________

دعك من كل هذا الآن ... هل تفكر في الانتقال الى تالتة رابع ؟!! 0
;