أيها الزائر قبري .... أتل ماخط امامك

Thursday, November 08, 2007

الأشياء الصغيرة التي لاتراها

يقولون ان كتابة اول سطر في المقالة تسهل كتابة باقي الموضوع .... نصيحة ممتازة للحائرين بشأن الكلمات المناسبة التي ينتون بها افتتاح مواضيعهم البائسة

ك (ماسبق مجرد استهلال .... عملا بالنصيحة ليس الا) 0

دوامة اكتئاب عنيفة خرجت منها ببعض الجروح والكسور والكدمات .. كدمات جعلتني اهجر الناس والتدوين والنت والكتب والذي منه ... واغرق باخلاص في مستنقع الذات

ايهما اكثر املالا .... سرد الشكوى , ام الاستماع لها ؟

كان من عواقب فترة الانقطاع السابقة اني فقدت الصلة بأصدقاء اعزاء التقيتهم عبر المدونات ... فترة انقطاع موحية بالندالة والنسيان ... فترة انقطاع ربما لايغفرها ذات الاعتذار المكرر السخيف الذي لاأجيد سواه

لكن العقاب الالهي اتاني سريعا
دون سبب وجيه سوى لحظة فراغ عابرة قمت بكتابة كلمة (حفار القبور ) على محرك البحث العظيم جوجول ... عناوين ذات صلة بي واخرى لا تهمني ... وجدت الاسم يستخدم في بعض المنتديات .. لكن صدمت عندما وجدت بعض تدويناتي منشورة تحت عناوين اخرى او بامضاءات اخرى

كانت صدمتي عندما وجدت سلسلة حكايات من مستشفى ابو جهل التعليمي منشورة بعنوانها الاصلي في منتديات متفرقة دون اشارة بسيطة للمصدر الأصلي ... على اعتبار ان مايكتب هنا ملكية عامة يمكن لمن شاء أن يهبر منها كيفما شاء , احدهم قام بنشرها تحت عنوان (مذكرات طبيب امتياز) ... وقام (وهو مايثير جنوني) بالتعديل والتنقيح والحذف على مزاجه بتكنيك الرقابة المصرية الشهير على اعتبار ان بعض الكلمات ابيح ويخدش الحياء أو ربما يثير حفيظة المتدينين

نفس تلك المقالات وجدتها منقولة على مواقع معروفة ك الديفيدي للعرب وعمرو خالد .. لم اكن اعلم ان المدونة يتيمة لهذا الحد لاصاحب لها ولا أب

تدوينة مطرقة العاهرات كذلك تعرضت لذات المصير حيث نسبها لنفسه شخص ما على مدونات مكتوب ... نقل مسطرة وحياتك ... نقل ساذج لأنه (وهو غير مصري بالمناسبة) ... يختار تدوينة زاخرة بمفردات بيئية محلية , ولهجة عامية خالصة .. امر لم افهمه او اتوقعه من الاساس

اعتقد ان بعض الاخوة الاعزاء قد خبروا ذلك الاحساس الأليم ربما بأكثر مني .. العزيز حائر في دنيا الله , والمتألق ميشيل حنا وبالطبع الأب الروحي أحمد شقير , وغيرهم كثير

لاأقارن نفسي بهؤلاء الأعزاء ... فما عانيت يعد امر امرا هينا مقارنة بما خبروه ... لكن ذلك الالم يمزق الصدر , ويحرق الاعصاب حقا ... اعتقد اني استحق هذا الألم على كل حال لعدم انتظامي في التدوين والمتابعة ... تخيل اني لم الحظ هذا الأمر الا منذ فترة قريبة نسبيا ... ربما لأني شخص مغيب كأهل الكهف ضعيف الملاحظة ... او اعاني مشكلة مزمنة في بؤرة التركيز

بدأت اكتشف بالفعل هذا العيب الخطير ... اني أركز على امور لاتثير اهتمام الاخرين عادة , واغفل بسببها عن التفاصيل الواضحة الزاعقة .. أغرق في خلفيات الصور ... الكومبارس الغلابة ... اللحن الخافت المدفون في عمق المقطوعة .... اختياراتي في الحياة نفسها تخضع لذات العيب ... هواياتي , قراءاتي , عملي , حتى عندما اكتب ... اختار اشياءا قد لاتهم الكثيرين ... انها امور خارج بؤرة تفكيرهم .. لكنها تملأ عالمي لحد الجنون

شكة بسيطة ياأستاذ ... مجرد كانيولا
اضحك كثيرا عندما اتذكر ... ان حتى التخصص الذي اخترته هو التخصص المنسي في كل المحافل ... التخدير , التخصص الذي ينساه البعض ويكرهه الاخر باعتباره الخطر الكامن الذي لايفكر فيه سوى شخص جريء, ميت القلب ويكره سعاد نصر لحد الجنون ... دعك من انه التخصص الذي لايحب الناس ان يختاره ابناءهم لمجرد انه يخلو (حسبما يعتقدون) من مفردات السماعة والبالطو الابيض والعيادة , وكل المتلازمات المصاحبة للدكتور العقر النشيط المرسوم بكفاءة في كتب المطالعة الابتدائية , صورة كلاسيكية لاتتغير مهما تطور الوعي .. حتى عملي كان خارج بؤرة التفكير التقليدية .. وكذا هواياتي , وافكاري , وهواجسي الخفية التي تلح عل طوال الوقت

خد نفسا واملأ صدرك بالهواء ... سيبدأ التخدير الان

لكني عرفت مغبة التفكير المستغرق في امور فلسفية او هلامية في غير الاوقات الرسمية ... عرفت ذلك عندما صدمت تقريبا من ميكروباص متوحش اثناء فترة تأمل الحّت علىّ اثناء عبور الطريق ... واقسمت بعدها ان اكون كالاخرين ...سأرقب الطريق بحماس وتحفز , وسأفتح عيني على الغادي والرائح , سأكون وغدا سافلا طويل اللسان , والأهم اني سأسب العابرين الشاردين الذين كنت يوما ما أحدهم ... ولأترك التفكير الهلامي والتأمل لفترة المساء والسهرة ... بالطبع فشلت في المداومة على هذا التغيير الجديد وعدت لذات الحالة الشاردة

المشكلة الحقيقية التي اكتشفتها ان كل مفردات عملي تدفعني دون وعي لحالة استرخاء شبيهة بحالات التنويم االمغناطيسي ... صوت معدل النبض على مونيتور العمليات .. شكل رسم القلب المنتظم... صوت انتفاخ جهاز الضغط كل بضع دقائق ثابتة ... حركة جهاز التنفس الصناعي , شهيق ....زفير .. حركة تكرارية متتابعة بانتظام مادامت الامور على مايرام ... وعندما يستقر عالمك الخارجي على وتيرة واحدة .. تتثاءب خلاياك معلنة فترة سبات مؤقتة مالم تقتحمها المصائب مبددة استقرارك الداخلي وتسامحك مع الكون

ديمومة الأمور .... ونوم لذيذ

تعرف شيئا.. عندما اعيد تأمل الحياة من خارج عباءة الذات , ارى بوضوح اننا نحيا في نفس الديمومة المغرية بالنعاس ... فقط تختلف مفردات التنويم بغرفة العمليات من المونيتور وجهاز التنفس الصناعي .. الى عالم ارحب نسبيا ...بنفس مفردات الحياة الازلية , نفس الوجوه التي حولنا لاتتغير ... تحكم اعلامنا وقوانيننا ومصائرنا وحتى ايماننا الذي حسبته الأمر الوحيد المنزه عن السلطان

لازال اليوم هو هو ... اشراقة الصباح ... معركة المواصلات .... صراع أكل العيش ... حضور , انصراف ... ختم دخول , ختم خروج ... صباح , مساء .... اجازة , لا اجازة .... شهيق زفير .... شهيق زفير .... شهيق زفير

نشرة الاخبار الابدية بذات التتر ... لازال فلان مذيعا ... ولازال علان شيخا ... ولازال ترتان وزيرا .... ولازال (م.م) صامدا في وجه الزمن والشائعات دون تغير كالأهرامات وابو الهول والمعابد .... شهيق زفير ... شهيق زفير .... شهيق زفير

الاعلانات التجارية بنفس تيمات مخاطبة الغرائز الاستهلاكية ... ونفس الصوت العميق الدافيء الذي يعدك بشلالات اونو الدافئة , وشقة فخمة في الرحاب , وصلاحية مدى الحياة , ومزّة مضمونة عندما تستعمل اكس الاسر وكلوز اب و بريل كريم وجيليت الأفضل للرجال.... الخ , اضف اليها حمّى السحب وخربشة الكروت ومسابقات ال0900 ... شهيق زفير ... شهيق زفير ... شهيق زفير

معاركنا الثقافية والعلمية والدينية ... العولمة , نظرية المؤامرة , نحن و الاخرون , الحجاب وحرية المرأة , الفتاوي المستحدثة , سقف الابداع ,نقل الاعضاء .... عناوين غليظة تثير شهية الاعلام لعرضها ومناقشتها بذات الاسلوب العقيم الذي يذكي الجدال المتحجر .. ويرفع الاصوات في مشاجرة همجية نتابعها على الفضائيات بشغف وماسوشية لاتختلف عن رغبتنا الدفينة في مشاهدة معارك الشوارع وحوادث الطريق بسلبية وبلادة ونحن متكئين على الارائك في بيوتنا المكيفة... موجة معارك تلتهمها اخرى ... ثم اخرى ... ثم اخرى ... شهيق زفير ... شهيق زفير ... شهيق زفير
معركة الجرائد ... معركة الاحزاب ... معارضة , قومية .... وطني ,اخوان (مفيش اختيارات؟) انتخابات و مظاهرات واعتقالات واستنكار , ثم هدوء مؤقت تحضيري لسلسة اخرى من نفس الاحداث السابقة ( طبق الأصل العلقة اللي فاتت ... لاقلم زاد ولا قلم نقص) ...شهيق زفير ... شهيق زفير ... شهيق زفير


وعندما استمرت حياتنا - بمعجزة ما - بنفس الوتيرة , نفس الريتم , نفس التمبو لم نعد نتساءل عن حقيقة ماحولنا , غرقنا في مستنقع الذات ... اصابنا داء النعاس الذي لايوقظنا منه سوى مصيبة طارئة او ميكروباص متوحش ينهب الطريق اثناء عبورنا الشارد قبل ان نعود مخلصين لنفس حالة السبات .... ذات الديمومة التي تنال من وعينا... ديمومة جهاز التنفس الصناعي ... ديمومة الحياة ... شهيق زفير , انقباض انبساط , موجب وسالب , ميلاد وموت ........ 0

الخوف الحق .. اننا نمر بالتدهور البطيء دون ان نلاحظ .. غرقنا في بحر التنويم حتى الثمالة , بنج زائد كما يحلو لطرشجية الاعلام تسميته ... تتدهور كل علاماتنا الحيوية , المونيتور يطلق انذارا مستمرا ... هناك مؤشرات مخيفة على رسم القلب ... لازالت مرحلة التنويم مستمرة ... خطر الموت يملأ المكان برائحة يميزها العارفين ... لازال الانذار مستمرا ... يبدو اننا كنا بحاجة لطبيب تخدير جيد ... او ربما لم نكن بحاجة الى واحد من الأصل
نغلق الغاز المخدر ونوقف جهاز التنفس الصناعي

فتح عينيك ياأستاذ ... 0
هل حقا لازال في الوعي بقية ؟
حمدا لله ع السلامة ....... 0
ياأستاذ .. أستاذ ..!!!! 0

Wednesday, September 05, 2007

فقاعة النت الأخيرة ..... وبيضة ميلودي

في انتظار انتهاء الداونلود

لاأعلم تحديدا ... ماذا سيحدث لخدمة الانترنت اعتبارا من سبتمبر الاسود


لازالت الأمور امامي غير واضحة عن مستقبل التصفح والتدوين والتحميل في تلك البلاد التعيسة ... كثيرون يخبرونك عن السعة المحدودة التي سيبتلى بها المستخدمون .... ماذا سيحدث عندما تستهلك حصتك الشهرية من حنفية الانترنت (ال2 جيجا المباركة) .... هل نتوقع ظهور عبارة باللون الاحمر تردد بشماتة ... عفوا .. لقد نفذ رصيدكم ؟

حتما سيخيب امل كل هواة التحميل من على الانترنت ... مساحات لامحدودة كانوا ينعمون بها مليئة بخيرات الكتب وملفات الموسيقى والبرامج و الالعاب والافلام المجانية .. البريئة منها , وغير البريئة

عندما تعيد تأمل الامور ... تكتشف ان الحكومة النظيفة المباركة قد ساهمت (ربما من حيث لاتعلم ) في ترسيخ ذاك الهاجس القديم لدينا والمعروف ب(هاجس اخر الشهر) .... ذاك الالم الغامض الذي يمزق كبدك كلما اقترب موعد سداد الفواتير والايجار , الكهرباء ... الغاز ... المياه ...فاتورة التليفون ... كروت الشحن ... وصلة الدش .. وصلة السايبر ... الزبالة ... دروس العيال ... التموين الشهري ... صيانة اجهزتك المنزلية التي تتلف بانتظام ... ياللهول !!! ... كل ذلك ازاء موارد متناقصة تدريجيا باسلوب الساعة الرملية الشهير ... وتنتظر في صبر اول الشهر حتى يدركك الغوث ... الان صارت ساعات الانترنت المتبقة امامك عنصرا هاما يضاف الى مكونات الساعة الرملية ... وصارت بالتالي سكينا زائدة تغرس في قلبك كلما لاح في الافق .. بريق اخر الشهر المرعب

ياترى كم تبقى لي من رصيد الانترنت؟

نفس الهاجس , حرك اصبعي اليوم لكتابة بوست اخر بمناسبة سبتمبر الاسود ... الحق اني بحثت في صفحات الانترنت (ايام ماكان عندنا انترنت) ... على صورة او كاريكاتير غربي غير متداول يعبر عن موقف شبيه بحكاية ( النت ابو 2 جيجا واذا كان عاجبك) .. الصور تتحدث عن بطء الخدمة احيانا ... هوس الشراء على الانترنت ... فقد السيطرة على صغار منفتحين على شبكة معرفية غير محدودة ... المواعدة عبر الانترنت ... اضرار الجلوس الطويل امام الويب ... الخ ... لكن صورة واحدة (اثناء بحثي) .. لم اجدها لتعبر عن ذلك المأزق محدود الكمية ... هنيئا لمصر اذا هذا السبق المتميز

كلام كثير موزع كالشائعات تسمعه عن خطة الحكومة الجهنمية للتحديد من نشاط التدوين ... كان التدوين منذ اكثر من عامين مصطلحا غير ذي بال ... يكاد يقتصر على مجموعة محدودة من مستخدمي الانترنت ... المجموعة التي لم يعبأ بها النظام انذاك لأنها كانت اقل جندا واضعف نفيرا ... اليوم صار التدوين اقرب للموضة المستشرية ... .. مدونات سياسية , اجتماعية , دينية , ادبية ... وشخصية .. مساحة الوعي تتزايد .. الكل يدون الان ... العيال كبرت يارمضان ... صار نفير التدوين اعلى من ذي قبل .... ربما لهذا يكون امرا طبيعيا في بلادنا ان يصيح انصار حزب الكبت والتلطيش من مالكي السلطة اعتراضا على تلك الحنفية اللامحدودة ..... اقفل الحنفية ياجابر
هل الحل البديل هو ابتداع حركة انترنتية غامضة وخطيرة ولها اسم متمرد على غرار (نت بلا حدود).. أو (سايبريون للأبد)..أو اي ماقد يخطر ببالك ... ويصبح شغلهم الشاغل هو التحايل على المساحات المحدودة والتلاعب بالنظام ؟ .... فلنصنع ثقبا ضخما في كرش الانترنت , ولنشفط منه كيفما نشاء
انتبه .... يتبقى لديك واحد جيجا بايت وثمانمائة وعشرون ميجا بايت وبعض الفكة
هههع .... اساطير الأولين
انطلق كالمجانين لأحمل فيلما ما ببرامج التورنت .... اشرب اشرب .. ولا يهمك ... النت لايزال في جيبي
قرارات غبية كثيرة وتصريحات اكثر غباءا تطاردنا يوميا من السادة الغير مسئولين ... النت محدود , ورمضان القادم مع المدارس ... لا لتأجيل الدراسة ... تأجيل رمضان اكثر منطقية ... تلك هي الحقائق الجديدة ... صار الويل ويلات ... وصارت النفقات مضاعفة هذا العام ... من استطاع الصمود , فليكمل بالجولة الثانية ... واما من ابى وانتحر ... فالبقاء للأقوى ... هذا هو منطق الغابة المصرية الجديد ... ايها المغفلون , اننا نساهم في تقوية مناعتكم ... قانون الانتخاب الطبيعي سيخلق اجيالا اقوى ... واكثر برودا وتناحة ... المجد للحلاليف
ياأرعن ياأهوج ... يتبقى لديك جيجا وخمسة عشر ميجا بايت .. انت حر
يبارك الله في القليل .... بعض الكيلوبايتات مثلا تسمح بتصفح كل الجرائد القومية والمعارضة والصفراء والخضراء والسوداء
نميمة عظيمة تنتشر وتتعاظم تتعلق بصحة الريس ... متقال يعني .... هاهو يشد حيله ايها الحاقدون ويفتتح المصانع ويقابل الوفود ويمارس دوره الابدي في عملية السلام الدودية ... ويل للمعارضين .... تلاحظ شريط الاخبار الاحمر وهو يكرر اسم الريس ... متقال يعني ... وهو يقابل فلان وعلان وترتان من جميع انحاء المخروبة ... وفود ومبعوثون ورؤساء وزارات ... ولازال واقفا شامخا بصحته وهندامه وبذلته الوحيدة التي يخصصها للخروج والمقابلات والتصوير ..... الاعلام يركز على معلومة واحدة من كل هذه العناوين البيضاء على الشريط الأحمر اللانهائي .... الشائعات مجرد اونطة ... كذب المعارضون ولو صدقوا
ياعبيييييييط .... يتبقى لك سبعمائة وخمسون ميجابايت ... شد الحزام قليلا
تذكرون اعلان ميلودي افلام ....وذلك السمج الذي يستمر في اطلاق النكات المستفزة ويضحك ضحكات اكثر استفزازا .... ضحكات لاتقل سخافة عن كل التصريحات الغبية والهراء الاعلامي المستمر ... بيقولك مرة واحد حدد النت , طلع ضيق عليه .. (ضحك هستيري) ... بيقولك مرة تلات طماطمايات بيعدوا قدام موكب الريس ... واحدة قالت للتانية حاسبي الرييييي ... طك ... التانية قالتلها الريس ميييي؟ ... طك ... التالتة قالت الريس ... متقال يععععع ... طك (ضحك هستري وترجيع) .. وهنا يظهر فتى ميلودي المربرب المتوحش ذو الشعر المنكوش .. وبالطبع لاتعجبه النكت ... فيضع نظارة المعارك امام عينيه ليرى الأمور على حقيقتها ... انها فقط بيضة عملاقة تتلو كل تلك النكات والتصريحات , وتردد كل هذا الهراء
يابن ال(...) ... يتبقى لك اربعة عشر ميجابايت .. وتدخل السجن
طمعا مني في استغلال اخر فقاعة انترنت في ذلك الشهر الفضيل (سبتمبر يعني) ... نشرت هذا البوست مبكرا على غير العادة ... احساس غامض بأن بحبوحة النت السابقة قد ذهبت ودخلنا عصر الظلام ... اخر فقاعة لأخر نفس شهري في صدر الرصيد المتناقص ... رصيد الانترنت , رصيد السعادة , رصيد الاحلام , (رصيد) نمرة خمسة , رصيد الصبر لأناس صامتون مغيبون , رصيد الكرامة المهدرة يوميا في الشوارع والاقسام والمستشفيات ومختلف المصالح الحكومية , رصيد المسئولية التي يحلو لنا دوما الفرار منها والقائها على اقرب رصيف .... من اي تأتي الشرارة الملهمة التي تغير مسار الاحداث ؟ ... ماذا يتبقى لنا عندما نستمر يوميا في ممارسة فن الاستربتيز الخاضع المتنازل تدريجيا ؟ متى تأتي لحظة الاشراق السينيمائية المنتظرة ؟ .. هل نحتاج الى بطل عظيم ملهم ؟ .. ام اننا لن نتخلى ابدا عن انتظار المعجزة و تكنيك (الاله من الالة) ؟ ... اقرأ التفاصيل المثيرة وقاتل مع نور وفريقه من اجل ال......... 0
.................................
عفوا ..... لقد نفذ رصيدكم لهذا الشهر

Thursday, August 16, 2007

اخنقه يافوزي

ورد في بعض الحكايات الأسطورية ... أن قطيعا هائجا من الفيلة العملاقة ( التي يستعينون بها في السيرك أو في فيلم ملك الخواتم) قد اقتحم أرض النمل البريء ... وعاث في جحوره فسادا وتدميرا ... وبينما كانت ملكة النمل الحائرة المرعوبة تهرب من بين أقدام الفيلة الطائشة لمحت نملة من أتباعها وهي تعتلي ظهر كبير الفيلة في يأس ... فصاحت صيحتها التاريخية الخالدة
اخنقه يافوزي ... اخنقه
______________________

دعونا من فوزي البائس اليائس وملكته المجنحة الخرقاء حيث لم يعرف مصيرهما حتى اليوم

من ان لاخر كانت تثار دوما قضية ( الرقابة على الابداع ) .... تعلم بالطبع تلك المصطلحات الخطيرة شائكة الملمس , تلك الامور التي يحلو لنا دوما الانقسام حولها الى مؤيدين ومعارضين لأنها تغذي دوما احساسنا بالتميز والاختلاف

دون سبب مباشر اذكر الضجة التي ظهرت عقب صدور رواية (شفرة دافنشي) ... والجدال والصخب ... فريق المهللين وفريق الساخطين ... اقلام تكتب , وافواه تحلل , ومزيد من الاضواء على وجه مسبب الزوابع وقاذف الاحجار في بركة الحياة ...والاهم من ذلك ... رد الفعل التقليدي الذي يتبناه السواد الاعظم ..... فلنحرق هذا العمل الشيطاني بحق السماء

الحق ان رد الفعل موحد مكرر وان اختلف عنوان (موضوع الصخب) ... كانت التساؤل المنطقي الذي قد تطرحه عندما يصادفك هذا السعار المشتعل هو .. لماذا صار التعامل مع كل مفردات حياتنا الغريبة هو بالدفن او الحرق او التخريب ؟ .... ولماذا نلجأ عامدين لنزع حرية الاختيار من يد الفرد ... على اعتبار اننا دوما (ضعاف الوعي والارادة .. قابلون للفساد)؟

منذ فترة غير قليلة ظهر فريق من مهاجمي ثورة الدش (الطبق الغربي الداعر العامر بالمزز والسكس الصريح) ... ودعوا - منتهجين نفس اسلوب مدرسة (احرق تربح) - الى نبذ الدش واغلاق القنوات الخليعة (وغير الخليعة وحياتك) والكليبات الماجنة و الافلام الهدامة لأنها نتاج حضارة شيطانية لعينة تبغي تتويه الشباب المؤمن وحشو عقله بالتافه المثير من الامور

نحن لانزرع الشوك .... نحن لانبوس الواوا
الملاحظ اننا نحلل كل مانتفق على تسميته ب (الاعمال المعادية ) نحللها من منظور ديني أو جنسي مطلق ... ربما لأننا تحولنا مع الوقت الى مهووسين بأكثر مانكره ... الهرطقة , والجنس ... صرنا مهووسين بالفكرة ذاتها .. وصارت كل شفرات حياتنا خاضعة للتفسير برموز دينية او جنسية بحتة (نحن اكثر من نجيد اطلاق وفهم الدعابات الجنسية , واغلب الفاظنا البريئة صارت قابلة للتحوير الى معاني فاسدة او بذيئة تضمن نجاح الافيه) 0

حدث بالفعل
واحد من اخواننا ... اراد التعرف على عالم الانترنت .. في بدايات ظهوره (تذكر تلك الايام التعيسة عندما كان النت في السايبر كالراديو في دوار العمدة في زمن ابائنا الاولين وكانت كروت المودم وفواتير الهاتف الملتهبة والساعات المدفوعة مقدما من مفردات المرحلة ) .... حسنا ... كان صاحبنا لايعلم عن النت اكثر من كونه ذاك البحر الالكتروني العملاق العامر بالمجون و(الاشياء الابيحة) التي لايسمحون بظهورها على التلفاز مع قدرة مطلقة على (الشات) تحت اي اسم وجنس وسن ليتحول المجتمع الى مجموعات متحاورة من المعاتيه , ذكور يدعون الانوثة يتحدثون مع اناث ينتحلن اسماء الرجال

المهم ان صاحبنا بمساعدة بعض القدامى المخضرمين في هذا العالم قاما بحجز جهاز في احد السايبرات , وهمّ المخضرم بتفحص بريده الالكتروني ... وعندما سمعه (محدث النت الغرير) يتلفظ بكلمة (هوت ميل) ... قام بعصبية رافضا الدخول الى المواقع الاباحية ... الحقيقة انه لم يميز سوى الشطر (الساخن) من اسم الموقع .. ذاك الشطر الذي اشعل فتيل القنبلة ... القنبلة المحشوة سلفا بفكرة (الويب العامر بالرذيلة) 0
سؤال منطقي ... لم كل هذا التحيز المسبق.. وحب المصادرة ... ؟ هل نحن فعلا نرى الامور من المنظور الصحيح؟
لعبة الساحر ... وشيء من الكلكعة
اكبر مشكلة في طريقة تفكيرنا ... اننا نعجز عن قراءة مابين السطور فنتعامل مع الجمل الطويلة الرشيقة بسطحية , ونعجز عن استخراج العنصر المهم من هذا العصير الكلامي الساحر ... فنتعامل مع الكلمات المألوفة باستهتار واهمال باعتبارها مسلمات, وتنصرف انظارنا دوما الى الكلمات الغليظة الرنانة التي نحسبها تحوي حل اللغز ... لهذا دوما ... تخدعنا لعبة الساحر في المسارح الفقيرة ... انها خفة يد تستثمر خلل عيوننا المسطحة سهلة الخداع

تمرين رقم 1 .... تعال نحلل جملة او عبارة من العبارات التي نسمعها او نقرأها يوما في حياتنا

الجريدة (....) بتهاجم الاسلام ... مع ان اللي بيكتبوا فيها مسلمين

اول رد فعل غريزي يكونه المؤمن المتحمس تجاه تلك العبارة هو النفور من (اسم الجريدة) ... التي تتحول الى رمز مرادف للشيطان .. للصهيونية ... للكفر ... للمتامرين ... او لأي شيء شرير ومقزز في هذا العالم ... مع الوقت ... ينقل الفكرة لأتباعه المخلصين و صفوته المنقادين ... وتتضخم العبارة الى مانشيت ... ومن ثم تصبح يقينا ... ومن ثم اسطورة تتغذى عليها الاجيال

تعامل المؤمن الاول مع (اسم الجريدة) .. باعتباره الجزء المهم الحيوي في الجملة ... فتعامل مع بقية العبارة بالتجاهل , انها مجرد مسلمات ... اعتبر ان (بتهاجم الاسلام) ... امر مفروغ منه ... مع ان الهجوم على الاسلام حكم , ومحصلة نهائية لمجموعة مقالات من الثابت انها تحوي انتقادات سلبية للاسلام .. ربما تتم بشكل غير موضوعي يجعلنا نحصل على هذا الحكم النهائي ... في حين ان تلك المقالات قد نختلف حول موقعها من الاسلام ... بين ان تكون مجرد مقالات بصيغة خارجة عن المألوف , أو مقالات محايدة تبغي الصالح العام , أو مقالات شريرة من مأجورين ... تلك امور قد نختلف او نتفق حولها

اما الشطر الثالث ... فهو الافيه الذي بيرز المفارقة المبنية على عبارة سابقة اتفقنا بعيون مغلقة وقلوب مطمئنة على صحتها دون مناقشة (مع ان اللي بيكتبوا فيها مسلمين) .... وهو التعميم الساذج لهوية المسلم ... فهل هو المتشدد ذو اللحية والزبيبة ويقين الحقيقة المطلقة, ام الواعي الفاهم لدينه ومتطلبات عصره , ام المثقف الذي يؤمن ان الدين هو الحل , ام مجرد مرتزق متخفي , ام انه فقط حامل الاسم والهوية المسلمة , ام هو مزيج معقد من بعض هؤلاء

انتهت العبارة .. وذابت الحقائق خلف وهم التعميم والمسلمات ... وبقي اللفظ الغليظ .. الذي الهى العيون عن لعبة الساحر العبقرية , التي تحولت مع الوقت الى يقين موروث ... ومن ثم صنعت الاسطورة التي تغذي النار المستعرة التي تلتهم كل مايثير الدهشة او الغضب او النفور ... صنعت الاسطورة التي اتت بكل الفيلة الهائجة الى ارض النمل البريء
قس على ذلك مئات الجمل والتصريحات المسموعة والمقروءة والمرئية ... مئات الالعاب السحرية يوميا ... ولايتبقى في الوعي سوى المفردات الضخمة ذات الرنين الجذاب .. تذوب حقيقة الخدعة , ويتراكم انبهارنا باللعبة تدريجيا حتى تصبح واقعا
كلام مكلكع ؟... غريب ؟... هراء ؟... ننتقل اذا للتمرين التالي

تمرين رقم 2 .... ردد العبارات التالية مع التسليم المطلق ومد الساقين
لذا فاعلم ان الارض ليست كروية , وان الرعد ماهو الا غضب الالهة ,وان الدش والانترنت ماهما الا وهم عصري لعرض كل ماهو خليع و ماجن و (هوت) , وان مدرستي جميلة نظيفة متطورة ومنتجة, وان مصر مهد الحضارة .. ولحدها ان شئت, واننا شعب مؤمن معروف بالتسامح , وان الشرطة في خدمة الشعب , وان الاسلام هو الحل فقط عندما تحمل كرنيه الاخوان , وان الرضاعة الطبيعية المشبعة هي سبيل الامان بين زملاء العمل ,وان بالختان وحده يحيا الانسان,وان النصر يكون بالدعاء والمقاطعة وانتظار المهدي , وان من ليس معنا فهو ضدنا ,ومن هو ضدنا فهو عميل مأجور وضال ملعون لاننا رغم كل خيبتنا وفسادنا وجهلنا لازلنا خير امة اخرجت للناس , واننا جميعا نقول نعم لمبارك وجمال وشادي وماما وبابا والاهل والاقارب بالمنوفية والنجوع المجاورة الذين يرسلون بكامل التأييد وأرق التهاني ويطلبون سماع اغنية الحنطور
تمرين رقم 3 ... خذ نفسا عميقا وتهيأ للنزال ... اهنئك ... بامكانك الان الانضمام لقطيع الفيلة
وبعد ... لم يعد امامنا الا التصفيق , لأن لعبة الساحر قد تمت ببراعة

_____________________
فقط عندما تجد نملة يائسة تعتلي ظهر كبير الفيلة وعندما تسمح صيحة بلهاء تردد في عجز مزري (اخنقه يافوزي) ... اعلم انك تقرأ هذا البوست

_____________________
اعتذار مكرر من شخص مكسوف
اسف جدا على التأخير المبالغ فيه تلك المرة ... واسف اكثر على حكاية عدم الرد على التعليقات ... سيحاول فوزي الانتظام والرد في القريب العاجل

Friday, June 29, 2007

مطرقة العاهرات

الشيطان يكره الصابون
_________________________
ماجدوى النظافة في بيت يعشق الهباب؟
خاطر يومي غير مميز دار في رأس الممرضة سناء وهي تدخل غرفة ولديها قبل البدء بطقوس الايقاظ الخفيفة ... منظر الغرفة بكتل الملابس المتناثرة ارضا والأقمشة الخارجة كالأمعاء من بطن الدولاب يثير الغيظ , وأكيد هناك أعقاب سجائر زوجها ملقاة أرضا بالكنيف المدعو صالونا
ليه تطّفي في طفاية لما ممكن تطّفي ع الأرض؟
دقائق وتحولت طقوس الايقاظ الى عملية ارهابية مفزعة حافلة بالسباب والشلاليت ... قوموا يازبالين
لازال أمامها نصف ساعة قبل اعداد الافطار والسندوتشات وتفحص الثلاجة أملا في غداء متوسط المستوى ... تقطع نفس المشوار وتركب نفس المواصلة للمستشفى وتمضي في دفتر الحضور , وتتلقى توبيخا من رئيسة التمريض لأمر خائب , تتفحص الاّلات بالتعقيم , وتتشاجر كالعادة مع (ف . ف) عاهرة الطالبية .. البكر الرشيد رغم كل شيء لأنها تتحرش بأطباء الامتياز العذارى
وبتحب ايه بالضبط في هيفاء وهبي ؟
معظمها .. صوتها حلو الصراحة
صوتها!! (بنغمة خبيثة) شكلك هاتتعب معانا أوي
تشخط سناء في (ف) الجالسة ببجاحة أمام الطبيب ذو الوجه المحمر وتكرشها بصرامة من الاستقبال ... لهذا تنتعش الرذيلة وتتورد وينمو لها اجنحة لتحلق فوق رؤوس العباد , لأن الذين ينهارون بسرعة أمام اللحظ الفتان والقد الواعد المنبعج قد صاروا متوفرين بغزارة
__________________________
الشيطان له لحية
__________________________
يضحك الدكتور (ع) ويقول كلمة مازحة عن الشيخ سناء التي تجز أعناق الخطيئة ... الحقيقة أن كلمة الشيخ متسقة أكثر مع (ع) بذقنه العظيمة وعلامة الصلاة المستقرة بوقار على الجبهة كأنما تستند على شنبر نظارته الأسود السميك ... رائحة البخور والمسابح والمسك الأصلي تفوح منه باسترار بغض النظر عن عينيه الذئبيتين المنهكتين ولسانه السليط المحترف والحكايات الأسطورية التي يتناقلونها همسا في اقسام المستشفى اّخرها قدرته على تخصيب النساء بمجرد اللمس ... يقولون أنه اطلق اللحية ارضاءا لأهله تماما كما أصبح طبيبا ... ولهذا سيتزوج من قريبته المؤدبة المطلقة ذات العيال , ربما من العدل أن تكون له حياة سرية عربيدة ... لاضير مادام يحافظ على الصلاة والصلاة الوسطى ويصل الأرحام ويطيع الكلام
__________________________
الشيطان لايقرأ صحف المعارضة
__________________________

لازال الفناء الخلفي خاويا ويتحول بنجاح الى مقبرة لفضلات المطبخ ... المدير اللين المذعور دوما لايملك سوى توعد العمال وتجميل مدخل المستشفى بالرخام والخضرة والوجه العفش لرجال الأمن الصارمين المصابين بالضمور والضغط ... كله تمام , التنظيف مستمرعندما يأتي تفتيش الوزارة ... الأخصائيين في الاستقبال بالبالطو يبتسمون للزائرين بود ويرفعون ايديهم بشعار مطاعم كنتاكي (ايحاءا برقي الخدمة) ... جهاز رسم القلب الأخرس صار يعمل بكفاءة مفاجئة ... وسناء صارت عاجزة عن الحصول على اجازة لأن التفتيش يتزايد وحالة الطواريء لازالت قائمة ... المستشفى تلمع وان عانت من نقص في المحاليل والقفازات وابر الخياطة الحقيرة ناقلة العدوى والفناء الخلفي المغري بمزيد من القذارة , لكن توفير هذه الكماليات يأتي في المقام الأخير لمدير يهاب المفتشين الغلاظ الباحثين بنهم عن فضلات ملقاة أو عنكبوت في الزوايا أو مصباح تالف الحال , سيظل يقبل الأيادي الكريمة التي لاتمتد للأدراج المغلقة والعهدة المنسية والفناء المهمل
ربما تكون مشكلة المدير أنه لايريد حقا رؤية الفناء الخلفي
___________________________
الشيطان يأكل اللحم الميت
___________________________

ولابأس من الأحاديث الجانبية مع زميلات العمل الثرثارات بشكاوي لاتنتهي من المدير والمرضى والعيال واللطخ المقيم بالمنزل ... كتل مركبة من التعاسة ترتدي البياض وتشخط في الناس بعصبية طوال اليوم ... هناك شيء يتحطم يوميا في تلك النفوس ... تموت الأحلام عادة بعد سن الثلاثين ولايبقى سوى أشباح باهتة من كلمات جميلة ومشاعر دافئة ... منذ متى صاروا يقبلون واقعهم المزري ؟, أزواجهم اللامبالين غزيري العرق .. عيالهم الجاحدين كثيري الشكوى والبرابير ... عملهم الكئيب ومديرهم العويل ويد دكتور (ع) السافلة التي لاترحم ... ماأمتع جلسات النميمة الحافلة بالكلم الماجن والضحك الخبيث!! ... ضحك كالبكاء , لكنه كفيل بأن ينزوي الرجال والمرضى والمسئوليات الى أبعد زوايا المخ ... مالايقتلني يزيدني قوة ... لم تكن سناء مثقفة ولم تكن تقرأ سوى صفحة الحوادث وخاصة الحوادث ذات الصبغة الجنسية ... لكنها تدرك معنى هذه الجملة وتستشعرها تماما ... كل التنازلات التي قدمتها على حساب طموحاتها وأحلامها ... قدمتها بطريقة تدريجية كفتاة محترفة تتخلى عن ملابسها في ناد للتعري ... لكن أحدا لم يصفق مستحسنا تلك التنازلات .. بدا كانه أمر عادي .. طبائع الأشياء ... لست مميزة في شيء ... لست بطلة هذا الفيلم ... انت واحدة ككثيرات ... تعلمي كيف تعيشين اذا .... تعلمي كيف لاتنتظرين الرحمة لأنك لم تعودي تملكين قلبا يمنحها ... عندما كانت فتاة خجول تهاب الرجال وتسمع لعبد الحليم وتشبع عواطفها البكر في احتضان ابناء أختها الرضع وتحلم في الشرفة وهي تعبث بأطراف شعرها ... كيف صارت الدنيا هكذا ؟... تزوجت وأنجبت وقد مرت أجمل لحظات حياتها دون أن تثير الانتباه ... لقد سرقت الفتاة حتما ... سرقت .. مثلها كباقي المغفلين الذين استسلموا لحياتهم وظلوا يمارسون الحكمة على الاّخرين ... حكمة غبية لأنها بأثر رجعي ... غبية لأنها تمنح الاّخرين الحق في ممارسة سلطات أخلاقية عليها , علهم يشعرون بأنهم افضل ... 0
هناك شخص افتراضي تحمّله سناء دوما تبعات خيبة املها المزمنة ... الشخص الوهمي الذي تنظر له بغل ونقمة لتقول له بكبرياء غاضبة ... شكرا ... شكرا لأنك جعلتني اقوى
_____________________________
الشيطان يرتدي بذلة رسمية
_____________________________

يوما ما ... اتت عربة الاسعاف الشائخة لتلقي بفتاة منهكة الوعي مع رجل شرطة ضخم الشارب ليلقي بها في اشمئزاز على سرير الاستقبال ... الفاظ مختلطة سمعتها سناء من الشرطي وهي تجري بغير حماس لتركيب الكانيولا والمحاليل ... الفاظ من عينة ( محضر سكر ... عربة مسرعة ... محاولة اعتداء ... شباب وسخ) ... لم تسعفها العبارات بصنع جملة مفيدة تخرج منها بضحية وجاني ... لكنها استسلمت لأوامر دكتور (ع) وهو يتحسس الضحية التي تقيأت على معطفه
اخص الله يقرفك
يهرع لغسل معطفه المنكوب ليعلق الشرطي مطفئا سيجارته
اشربوا (خرا) وادلقوه هنا بقة
اشار (ع) متسائلا لملابسها الممزقة التي تشي باعتداء عنيف ليجيبه الشرطي في شماتة
تستاهل ... دي مومس اصلها
تفيق الضحية لتقاوم يد سناء فجاة قائلة
أوعي ... سيبيني أموت
انتي هاتعيشيهم عليا..؟
قالتها سناء وقد استسلمت لانطباع انها تعامل عاهرة مخضرمة فضحها الخمر والطريق ... لطمت يدها بقسوة وقامت بسحب عينة دماء لاتمام محضر السكر غير عابئة بألمها ... انها تعامل نسخة اخرى من (ف .ف) اللعينة ليس الا
لكن شيئا ما في عينيها الدامعتين كسر ثقة سناء المتربصة .. لم تكن قد رأت اثما يبكي من قبل ... ان الاثمين الذين يملئون عالمها لايعرفون الألم ... لا يتمنون الموت السريع ... يجيدون وضع المساحيق , ويلقون بسجائرهم في الصالون , ويخافون الناس المهمين , ويعرفون كيف يغسلون معاطفهم البيضاء من قيء الاخرين ... لذا تراهم دوما في ابهى صورهم عندما يتحدثون في ثقة عن دنس البشرية
حرام عليكي ..... 0
تعرف سناء تماما دموع الضحايا المخذولين ... تلك الدموع التي طالما سكبتها على وسادتها في ليالي الاحباط والهزيمة الابدية .... ومرارة العلقم في حلقها المستعصية على البلع .... واحساس العجز المهين عندما تتساءل في مرارة عن رصاصة الرحمة
لكن عقلية سناء - رغم كل شيء - تأبى الا القولبة .... ان الناس قد خلقوا مسبقا في قوالب ثابتة قابلة للتكرار ... لذا تنفع معهم الاحكام الجاهزة , والمصادرة الفورية ... مالنا ووجع القلب في فهم البشر ... كل بهمه مشغول ذاهل
انتي ليه بتزعقيلي؟
قالتها الضحية بانكسار الاطفال وقد بدأت تستكين لوضعيتها الجديدة , تجاهلتها سناء وهي تحمل عينة الدماء منادية العامل الاعور المكوم في ركن الاستقبال لايصالها للمعمل
احساس مفاجيء بالقرف ينتابها .... مالفارق الحيوي المهم بين الضحية الراقدة أمامها والعشرات الذين تقابلهم يوميا منذ تغادر منزلها حتى تعود ؟ .... الفارق الضخم الذي يجعل مديرها المذعور يتعاظم , و(ع) يزداد سفالة , وزميلاتها الكئيبات يزددن نهما لأعراض الناس وعوراتهم ... ربما أن الاخرين اكثر هندمة ونظافة .. اكثر قدرة على السيطرة وأسرع في احتلال مقاعد القضاة والجلادين
الكراسي بأسبقية الحجز ... الكمية محدودة
العامل الأعور يمد يده القذرة لاحتضان السرنجة ... والشرطي الغليظ يشعل سيجارته الرابعة ليتابع
مش هانخلص النهاردة ولا ايه؟
الغدا لسة ماجهزش ... عندك 5 أيام جزا ... عملها المحروس بسلامته وغرق الصالة ... ماتقعدي جنبنا هنا ياشيخة منورانا والله ....سمعتوا اخر الفضايح ...يلا يابنت الصايعة
السرنجة يامس
انا مابخافش غير من ربنا ... وماحدش بيملي عليا قراراتي .... قومي ياولية افتحي الباب ... التفتيش جه ... كل دي سجاير مرمية في الصالون ... اديها مسكّن ياسوسو ... عندك نوبتجية أول يوم العيد
هية الأبلة تنحت كدة ليه؟
العيال اتخمدوا؟ , طب ماتيجي .... الفتلة قصيرة قوي ,عاجبك كدة ؟, الغرزة فكت ... اعملكوا ايه مافيش فلوس في المستشفى .... مش عارفة ليه بيقولوا علينا (ش...)؟.... عايزين ناكل عيش , ان شالله من الزبالة
ايه ياسوسو , هانقضي الليلة كلها في عينة؟

لاشعوريا ... وجدت نفسها تضغط مكبس المحقن الموجه ناحية الشرطي لتندفع قطرات حمراء في شلال سريع منمنم في الوجه الغليظ الذي صاح

يامس (....)

شرع يلعن بوجه محمر ويمسح الدماء مرتبكا وهو يقول كلاما كثيرا عن النجاسة والايدز والبلاء الازرق المستكين في دماء اولاد الشوارع والساقطات ..... بدأت الفوبيا تتمكن منه وهو يجري ناحية جركن (البتدين) ويصيح

عقموني .... عقموني ياكفرة ياولاد الكلب

كان مظهره مضحكا ووجهه يتحول بفضل التعقيم الى اللون البني قبل ان يهرع لحوض قريب متحسسا الجدار ليذيب بقايا السائل المعقم اللزج بالماء المتدفق من الصنبور .... كان يحك وجهه بجنون بينما ينظر للضحية وسناء موزعا السباب بالعدل بينهما .... 0

لو عايز تتطمن ... اسحب لك عينة

مستسلما كطفل سلمها ذراعه... كانت بقايا السباب تتحول تدريجيا الى همهمات غير واضحة المعالم ....اعماه الرعب عن ابسط الحقائق وقواعد المنطق.. صحيح ان احدهم لم يذهب يوما لتحليل الفيروسات بعد منتصف الليل الى المعمل الذي ظل مقتصرا على البحث عن الكحوليات لمحاضر السكر(دعك من سخافة الفكرة ان تبحث عن الفيروسات في نفس اللحظة التي حدث بها الاحتكاك المتوقع مع الدم) ... لكن سناء لأول مرة تجد امامها الضحية وجلادها يجلسان في استسلام بانتظار عينة الادانة ... المظهر الذي لم تتخيله سناء يوما

تطفو الاتهامات الجاهزة لدينا بالعهر والدنس على السطح عندما تتطابق الصورة الانية مع تلك المخزنة سلفا بعقولنا لنخرج بتلك النتيجة المريحة للاذهان

ان (ف.ف) قد عادت من جديد
ربما كان على سناء ان تستوعب قليلا هذا الدرس

قد تبدو الفروق احيانا واهية بين الضحية والجلاد ...0

مجرد اسبقية في احتلال المقاعد ... ليس الا

_________________________

من كان منكم بلا خطيئة .... فليسحب العينة

Thursday, May 31, 2007

البوست البمبي

سمي البوست البمبي بالبوست البمبي ... ربما رغبة في الخروج عن مسيرة الكابة واليأس والاحباط التي يشكو منها زوار المدونة ( بغض النظر عن كون الأمور هكذا فعلا , لكن دعونا نفتح الشبابيك قليلا) 0
______________________
بعيدا عن الطب والدكترة
ملحوظة قديمة وجدتها في احد التعليقات ... هل هذه المدونة للدكاترة فقط؟
ربما على اعتبار ان اغلب الموضوعات يغلب عليها جو البلاطي البيضاء والدم والبنج .... الخ .... لكن اعتقد ان تدوينات اخرى سابقة للعبد لله ترد على ها التساؤل بالنفي ... لكن, لنكن واقعيين ... عندما يكون روتينك اليومي جو مستشفيات وبتدين وصراخ وكانيولات ومرضى مذعورين متشككين ... اعتقد انه الجو الذي يسيطر عليك ويدفعك للكتابة من خلاله ... ربما لو كان المرء بحارا أو قاتل محترف , لتغيرت الامور كثيرا
شكر وتقدير
عرفت من البعض ان شخصا ما يقوم بالدعاية لهذه المدونة .. ويقوم بارسال الايميلات المصحوبة بلينك المدونة لكثيرين ... ايا كان هذا المعلن المجهول , له كل الشكر ... لاأعرف هويته اذا كان انونيموس او احد الاخوة الهاربين من التربة ... انما شكرا جزيلا واتمنى ان اظل في نظره شخصا يستحق ان تضيّع بعضا من وقتك لقراءة مايكتب
هل انا الوحيد الذي يشكو من الروتين؟ اذا كنت تعاني من نفس المرض فبادر بوضع مقترحاتك في صندوق الشكاوي
يقتلني ان اقضي الوقت في محاولات بائسة لقتل الوقت .. للوصول الى مرحلة (الساعة التاسعة صباحا .... فلننتظر ان تصبح الواحدة بعد منتصف الليل) .... ويصبح الامر كله مجموعة حلقات مفرغة تدور داخلها .. تقرأ الجريدة ... تبحث في التلفزيون عن فيلم عبيط لاتدري لم يجذبك ... تدخل لفضاء النت وتقوم بتحميل المزيد من حلقات (بريزون بريك) .. ويصبح الانجاز الاعظم في حياتك ان تصل للحلقة الاخيرة قبل ان تبحث عن شيء اخر تقوم بتحميله .... البحث عن صديق تجلس معه على المقهى وتجترون نفس الاحزان وتكررون نفس النكات , ثم تنتهي فترة الهدنة الصغيرة وتدخل الى ماكينة العمل المتوحشة ذات التروس والبزابيز ... توتر ووصراعات واحاسيس متتابعة من النجاح احيانا والفشل احيانا اخرى ... ثم فترة راحة ... ثم اقتحام الماكينة مرة اخرى ... اجازة العيد ... عمل وتروس وبزابيز من جديد ... صديق لم تره من فترة يقتحم الاحداث ... المزيد من التروس ... اجازة رأس السنة .. تروس وبزابيز ... ..و...و...و
ياللهول ... اي ماساة نحياها؟
ماحدش يفهمني غلط ... انا لاأكتئب الان .... ليس هذا لونا اسود ... لنعتبره كوكتيل الوان محايد ... لنعتبره تناسق كامتزاج اللونين الازرق والاصفر ... هذا المزيج الذي يفهمه عشاق الاسماعيلي والبرازيل والتابعي الدمياطي
لاتخش شيئا .... لن اكتئب ... لن اكتئب ... سأتساءل فقط - بينما اشكو من الروتين - عن ذاك الركن الغامض من العقل ... الذي يقف فيه كاظم الساهر , ورأفت الهجان والهلف الذي ضربك في اولى ثانوي ... يتصارعون جميعا من اجل الفوز بفتاة احلامك ... ترى الى ايهم ستنجذبهم امّورتك الغالية؟
ستضحك بالطبع عندما تدرك انك لست طرفا في الصراع ... انت مجرد متفرج .. هنيئا لرأفت وكاظم وكل هلف شجاع اخذ حياته بالدراع العظيمة المشعرة .... وهنيئا لنا التابعي الدمياطي

اتعرف؟ ... مهم جدا ان تغير روتين حياتك وحتى كتابتك لمجرد ان تشعر بالتوازن ... امر طبيعي ان اتصرف احيانا على عكس طبيعتي , ربمالأن الفضول سيقتلني لو لم اعرف كي سأبدو من الخارج لو كنت سعيدا أو متفائلا أو راغبا في الحياة (حتى في غياب الدوافع لتلك الاشياء) ... عادي .. احساسك بالفراغ الذي يستقر داخلك بعد نوبة الم عاصفة سيدفعك لأشياء لن تصدقها .. كأن تذهب من ارض اللواء الى التحرير سيرا على الأقدام , أو تدخل لمشاهدة قراصنة الكاريبي بجزئه الثالث مع علمك المسبق بأنك ستنام داخل القاعة من فرط الاجهاد , أو تلتهم خمس شطائر من التابعي الدمياطي دون خوف من( الام مابعد الطفاسة) , أو حتى كتابة هذا البوست الذي اشعر انه بلا هدف واضح ... عادي ... الفراغ يصنع المعجزات
ربما تقضي الوقت في مراقبة الزمن ... ماأغرب مايمر بك من تغيرات ؟... تعددت هواجسك وتعقدت مشاكلك , صار القلق ملموسا اسود اللون كدخان السجائر والاسفلت والهباب الذي يغطي افران التابعي الدمياطي ... مشاغلك الدنيوية وعلاقاتك الانسانية ... اشياء تسعى لاكتسابها وأشياء تخشى فقدها.. كلها أمور تحفر دماغك كالشنيور... وتتعجب عندما تتذكر انه منذ عشرين عاما مضت كان هاجسك الاعظم هو أن يموت جريندايزر !!! ترى كيف ستكون الأحوال بعد عشرين عاما أخرى؟
_______________________
ارجوك لاتسيء الظن .. ليس هذا سوادا لكن ... قضيت حياتي في حزن خافت عميق ... واعتقد انني سأموت بجرعة ألم زائدة ... لاعليك ... فقط عندما يحاصرك الاكتئاب , تذكّر تذكّر .... اللون البمبي ...... أو التابعي الدمياطي
_______________________
اعتذار واجب
كان الأحرى بهذا البوست ان يكون اسمه البوست الدمياطي ... حصل خير

Monday, April 30, 2007

RELOADED الابن الضال

دائما وابدا ستظل الامتحانات تذكرني بالمشهد قبل الختامي من فيلم القلب الشجاع عندما يستمر ويليام والاس في العناد ورفض الانصياع لاوامر القاضي المتشفي .... دوما اجدني اتذكر تلقائيا - امام كل ممتحن - عبارة (عذبوه بالمخلعة) في شريط الترجمة بينما يعلو صوت الجماهير في الخلفية مؤيدا ومباركا
_____________________
يقول صلاح مهنئا
بس بركة انك رجعت بالسلامة
اقول له بهدوء ان العودة جعلتني اختزن افكارا ما خاصة بالامتحانات والضغط والنفسي المصاحب لها ... وتجعلني اتساءل مندهشا بعبط الاطفال ... لماذا تسبب الامتحانات كل هذا الفزع بحق السماء؟
_____________________
في هذه الاثناء كان الدكتور (م.م) يقوم بتحضير الامتحانات التعجيزية في معمله الشرير
(مشهد 1 ليل داخلي في معمل مظلم الا من لهب سبرتاية حقيرة على تختة عامرة بصنوف ملونة من محاليل مجهولة الهوية بعضها تنز منه الفقاقيع بشراهة )
صوت كلاب شرسة محبوسة في قفص ما بالمعمل بينما شخص منكوش الشعر يرتدي البالطو يعكف على اضافة بعض الاخلاط الى بعضها البعض مع الغلي المستمر ثم يتناول بالسحاحة قطرات من سائل أحمر مريب ويقوم برشها على ورقة بيضاء خاوية بينما يغني في شرود
خمسة عشر رجلا ماتوا في امتحان تخدير
يقوم بتجفيف الورقة المبللة على لهب السبرتاية ثم يقتطع منها سلخة صغيرة يضعها بركن قفص الكلاب التي سرعان ماانزوت الى الركن المقابل وهي تعوي عواءا اليما مثيرا للشفقة بينما يسقط احدهم في نوبة تشنجات ويزرق لونه على الفور
يظهر الرضا على وجه الدكتور ويقول كلمة ما من نوعية (دي الاسئلة ولا بلاش) ... ثم يضحك ضحكة شريرة ترج ارجاء معمله الشرير يدوي على اثرهما الرعد بدوي اكثر شرا (تأثير درامي ليس الا) قبل ان يعكف على صنع المزيد من الاوراق وهو لازال يردد بنفس النغمة الرتيبة
خمسة عشر رجلا ماتوا في امتحان تخدير
_______________________
قلت لصلاح بينما هو يعبث بمحموله
في اعتقادي ان فزع الامتحانات ناجم عن مجموعة من مفردات حياتنا المؤلمة والمرتبطة بشكل وثيق بسيناريو الامتحان نفسه ... استيقاظك المبكر .... ملابسك الغير مكوية والتي تسارع لارتدائها على عجل بينما الاسهال يمزقك احشاءك (لأنك لم تاخذ وقتك في الحمام ايها العجول) ثم انتظارك للمواصلات (هذه اللعينة تتاخر دوما وتصل بعد فوات الاوان) هاجس انك ستصل متأخرا يلسعك دوما ويبلل يديك وجواربك بعرق التوتر ... وتصل الى زملائك المحتاسين وسط مذكرات واوراق لانهاية لها قبل ان يساق الجميع الى اللجان بتكنيك (يوم الحشر) الذي يجيدون صنعه ... بياناتك واقلامك وضربات قلبك المتزايدة ترج التختة رجا ... ثم ورقة ما كئيبة يخرس على اثرها الجميع ويراقبون الموزع وهو يقترب بالة جز الاعناق (لحظة اعدام وليام والاس على وشك البدء ياجماعة) .... وعندما تستقر الورقة امامك تدرك انها لحظة الحقيقة وانك انما كنت تخوض وتلعب في الايام السابقة
اعتقد ان كل تلك الاشياء المرتبطة بالامتحان هي الشيء المفزع بالموضوع ... وليس الامتحان ذاته
لكنها طقوس لابديل عنها طبعا ... الا اذا قادنا خيالنا المريض الى العالم الوهمي الذي يأتيك فيه الممتحن صبيحة يوم الامتحان وانت على فراشك ليترك لك ورقة صغيرة على الكومدينو ... وعندما تستيقظ براحتك تماما عند الساعة الواحدة ظهرا مثلا تجد الورقة بجوارك تقول
الامتحان على الرخامة في المطبخ بجوار كوب اللبن ياحبيبي
لابد اذا من الذعر والفزع والاسهال بينما احدهم يردد في الخلفية (عذبوه بالمخلعة) ... هكذا تكون الامتحانات
لكنك ( ان اردت الحقيقة) ... يمكنك ان تتوقع ان هذا الفزع والذعر يعود لأمور اخرى اكثر عمقا ... وابعد ما تكون عن الامتحانات نفسها
_______________________
ولماذا تكون الامتحانات واللجان ونظام المراقبة والدرجات المنتظرة واللهاث خلف وهم الشهادات ... لماذا يكون كل ذلك مختلفا عن اي شيء اخر نعيشه في هذا الوطن ؟
_______________________
نسيت ياصلاح انك تعلمت ان تنسى كل ماكنت تعرفه عن البروتوكولات ... تلك التعاليم الغير مرئية والتي صارت تحكم حياتنا , تجري مسرعا ... خوفا من شيء ما مجهول .... لم تترك لنفسك الفرصة يوما ... ان توقف الكادر ... لتتأمل الصورة
_______________________
بروتوكولات حكماء فرعون
البروتوكول الأول ... لستم عظماء لتكونوا مختلفين
كي تؤمن انك كالاخرين تستسلم لمنهج محكم , واسلوب تلقين منذ الصغر ... ان تردد خلف الاستاذ عبارات طويلة لاتفهمها , وتشب على ترديد الاراء المكررة والمناهج المستهلكة ... مرحلة مهمة لنزع المخ والكرامة معا ... احساس بالهوان سيطاردك , ربما تسارع بتفريغه الى من يليك في السلسلة الغذائية .... ربما تتظاهر بالحكمة والفهم وعمق التجربة ... لكنك تؤمن انك كالاخرين الذين يمشون في الطرقات (يأكلون ويشربون ويتناسلون , ويدفعون الضرائب بانتظام ) .. سيعلمك التلقين الطويل أن تكره كل مختلف باعتباره نشازا , لايعزف النغمة الصحيحة التي وجدنا عليها اباؤنا ... ستكره الاخرين لأنهم دوما عملاء , خونة , كفرة , أو في اي تصنيف سيء اخر في جداول الحياة
انت الان ولد شاطر .. يردد باطمئنان خلف الاستاذ نفس العبارات الطويلة التي لازال لايفهمها حقا
البروتوكول الثاني ... محاولة الهروب من شاوشانك دائما تبوء بالفشل ... خليك بالبيت
تستمرون في الايمان المطلق بان الاختلاف عن الاخرين يفسد للود قضايا ... وتتعلمون ان تمشون على الدرب المرسوم ببراعة باحذية اسلافكم ... الان صار الطريق اكثر وضوحا , حتى وان ساروا على نفس العقبات , وتعثّروا في نفس الحفر , وارتكبوا نفس الاخطاء الغبية ... لاتنظر حولك لأن الفلكة بانتظارك ياجابر ... انت لاترى الحارس الذي يمنعك من ان تحيد عن الطريق لكنك تتتخيل كم هو بشع طويل الانياب ... مع الوقت لم تعد تحتاج لمن يبقيك حبيس الاسوار ... انك تقوم بهذا الدور بأمانة من تلقاء نفسك ... انا الان مطمئن عليك ... لقد صار شاوشانك منيعا حصينا بفضل ابائكم الاولين ... انتم اليوم تتممون الاسطورة وستمررونها بعفوية عبقرية الى منتجات نطفكم التعيسة ... اجيالكم القادمة
انا الان مطمئن ياجابر
البروتوكول الثالث ... الكهرباء لاتنقطع عن قفص الموز
مهما تظاهرتم بأنكم اذكياء مثقفون ... لكنم تقعون في الافخاخ الساذجة وتتصرفون بسليقة البهائم العمياء ... سنترك لكم حكمتكم المنتفخة ... وستدخلون بارادتكم قفص القرود ... القفص القديم المعلق بسقفه الموز كالثريا والمحاط باسلاك الكهرباء ... وعندما تلسعكم الكهرباء الصارمة مرارا ... لن ينقذكم من الجوع سوى الفتات الحقير بالارضية .. تعلّموا ان تقتاتوا به .... وعندما يدخل المزيد من القرود .... ستغنيهم حكمتكم المكتسبة عن عناء التجربة ... وسيتعلمون ان يتقاتلون معكم على الفتات تاركين الموز... وربما ينظر احدكم يوما الى الاسلاك بحسرة قبل ان يتساءل ... لماذا لاتنقطع الكهرباء ابدا ؟
نستطيع الان فصل التيار ترشيدا للاستهلاك , مادمتم مؤمنين ان سليمان لم يمت على عصاه بعد
_________________________
قلت لصلاح الشارد
الملاحظ هنا أن النظام يعتمد علينا , ربما بأكثر ممانعتمد نحن عليه
________________________
البروتوكول الرابع ... الابطال وحدهم يصارعون لنيل الحقوق ... حكمة جديرة بالتدريس
نعم ايها السادة المهذبون .... سيصارع المرء منكم كالوحوش لينال (الحد الادنى من الحياة) ... وعندما ينال هذا الحد ستنسيه مباهج الانتصار الحقيقة البديهية الخالدة ... انها حقوقك من البداية ... يفرح المرء منكم لأنه تخطى البواب وقابل المسئول وسارت مصالحه الحيوية بالواسطة المهمة .... هذا السراب سيمتص قواك ... وغضبك المؤقت سريع التبخر سيطفئه المكسب العبيط الذي تتصور انك حققته ... ساعتها لن تفكر في البحث عن المزيد ... انت الان تعيش في افضل العوالم القابلة للتحقيق
لازلتم تعيشون داخل اضيق حلقات الدائرة .... ماحولها هو مجرد (مساحة أمان) نعرف كيف نجعلها مهابة الاختراق
البروتوكول الخامس ...عندما تقومون قومة رجل واحد ... لاتكن ساذجا .... رجل واحد لايصنع شيئا
لأنكم دوما تخافون الاختلاف ... يمكن وضع الامتحانات الصعبة , يمكن فرض الضرائب الباهظة, يمكن تطبيق القرارات الغبية ... لاأحد سيعترض ... ستنظرون لبعضكم البعض حائرين ... شاعرين بالغباء حيال ورقة امتحانكم , واقعكم , دستوركم ... تتمنون لو يقوم واحد تنهضون خلفه بحماس ... ثم تخشى ان تقوم وحدك ... فتخسر كل شيء, بينما يستسلم من حولك ... ويبدأون باجابة الامتحان في استسلام ... ستفعل مثلهم ... وستلتقط اقلامك وتشرع في التسطير ومحاولة غش الاجابات ... وعندما ينتهي الامتحان سيكون امامك وقت كافي لتسب الممتحن مساءا ... على مقهاك المفضل بصحبة رفاقك الخذولين
البروتوكول السادس ... عزبة لكل مواطن
مع الوقت يغدو تحولكم لمسوخ مسألة بديهية .... امنح كل فرد قطعة صغيرة من الكعكة يمارس عليها سلطاته الصغيرة ... امنحه مصنعا , شركة بسيطة , وحدة صحية , مخبزا , مكتبا باحدى مؤسسات الدولة
سيمارس كل كبته وحرمانه من خلال ملعبه الجديد ... ارضه المكتسبة التي اعتاد أن يملك مفاتيحها ... سيمارس مهامه بحماس وهو يستشعر القوة ولذة التحكم ... انت تمنح الخدمات للاخرين , وهم يحتاجون اليك ... الى بعض المال , الى العلاج , الى الخبز , الى المصالح التي تسير بها الحياة ... وانت القيّم على كل هذا ... استمتع وانت تمارس التحكم والاذلال اللذان طالما مارسهما الاخرين عليك في اراضيهم ... لسبب ما , تنسون انكم تحتاجون لبعضكم , لكنكم ايضا تمررون احقادكم وثأركم من فرد لاخر .... انكم تمارسون نفس الدور الذي يمارسه الحكام الطغاة على شعوب جائعة ..... فتتحولون لنسخ صغيرة ممن تكرهون ... وتمارسون سلطتكم من خلال تلك العزبة الصغيرة التي صرتم تملكونها
لاتستطيعون الان ان ترفعوا عيونكم في عين فاسد مختل ... لقد صرتم جميعا اصحاب عزب , طغاة مصغرة, داخل عزبة كبيرة
____________________________
ترى ياصلاح ان الاعتياد والتراكمات التدريجية , تمنعك من الرؤية الصحيحة ... او حتى تجعلك تتجاهل تلك المعلومات وتصاب بحالة من الخنوع والترهل ... كما ترى الحركة تعني أن تزيح طنا هائلا من التأقلم والقاذورات والاخطاء ... اعتدت الا تكون عظيما كي تقوم وحدك بالمهام الجسيمة ... بل ان احساس الضالة يهيمن عليك ... فتظل بانتظار مثل اعلى يزيح عن كاهلك المسئولية وعبء البطولة
صرت تنتظر كثيرا ياصلاح بجوار ورقة الاسئلة ... ولم تجرؤ يوما أن تتساءل ... ماذا سيحدث بحق السماء اذا تركت اللجنة؟
____________________________
مشهد 2 ... نهار داخلي باحدى اللجان ... الطلبة يجلسون في حالة توتر واسهال حادين .. بينما الدكتور (م.م) يردد تعليماته المهمة من خلف المايك
ممنوع استخدام الاقلام الملونة أو الاقلام الجاف ... الاجابة بالقلم الرصاص النصف مل ... لن يتم توزيع اسنان رصاص أو ورقة اجابة اضافية , ممنوع استخدام الممحاة أو الالة الحاسبة أو حتى المسطرة ... ممنوع الكتابة على ورقة الاسئلة ... مدة الامتحان 25 سنة ... ممنوع الخروج قبل الوقت الاصلي ... ممنوع ... ممنوع ... ممنوع ..... 0
توزع ورقة الاسئلة يعقبها حالة صمت تام ونظرات غباء على وجوه الطلبة .. ونظرات سادية غريبة على وجه الدكتور (م.م) ... بينما يردد في سره ... هكذا تكون الامتحانات
ينظر الطلبة لبعضهم ... يمسك احدهم بورقة الاسئلة , ويكورها بيده ملقيا اياها ارضا
يقوم الطلبة مرة واحدة ويطغى صوت المقاعد على صمت الصالة المقدس ويتجهون لباب الخروج ... يصمت (م.م) للحظة في ذهول قبل ان يردد كالمجانين
من سيترك الامتحان ... باق للاعادة , هيه ... انتظروا ... لن ينجح ابدا طالما بقيت بالتدريس ... سيتم تأديبكم بأسوأ الطرق ... اجلسوا ياأغبياء ... ستضيعون ... مستقبلكم ملك يدي الان .... انا رئيس القسم الأعلى ... اغلق الابواب يافرج
جموع الطلبة تتجه نحو الباب ... يمزقون في طريقهم ورقة واحد منهم فضل البقاء والاستسلام للامتحان ... يزيحون فرج عن الطريق ويغادرون اللجنة وبقايا صوت (م.م) تخفت تدريجيا وهو يردد
انا باق على قلوبكم ... باق ولن تنجحوا ابدا
حتى اختفى صوته تماما خلف وقع اقدامهم المتجهة للخارج بينما يردد احدهم
لم يكن سليمان خالدا عندما مات على عصاه
_____________________________
كان صلاح ينظر لي في عته بينما يسيل خيط من اللعاب من ركن فمه .... افاق فجأة عندما اتاه النادل لتقفيل الحساب ... فمد يده في جيبه قبل ان يقول
بس بركة انك بخير

Friday, March 02, 2007

ازياء رسمية

عندما خطوت أولى خطواتي الى عالمكم المخملي الرائع ... لم اكن اعلم أن الدخول بالملابس الرسمية
_____________________
خريف 81
تعرف تماما وقع بكائك المزري بين يد الحضور في غرفة العمليات بعد خروجك بسلام من دفء الرحم ... سائل لزج يحيط بك ويكمم انفاسك قبل أن يرفعك احدهم من ساقيك كالفراخ الهاربة , ويقوم بالضرب على ظهرك (على سبيل الروتين في بعض الاحيان) ... بينما انت تصرخ (انا حي ... وحياة امي حي واتنفس ياأولاد الافاعي) ... ثوان ويقومون بفردك على مصطبة دافئة تحت مصباح عنيف مستفز الانوار ويلعبون في فمك بشفاط قميء مقرف وهم يرددون عبارات التهنئة ويتبادلون الاذان في اذنيك
تذكر بالطبع الملابس الموحدة المشتركة لكل المواليد الجدد ... تلك الملابس الشبيهة بملابس رواد الفضاء والمكونة من قطعة واحدة من منتجات القطن المزدان برسم لأرانب وفئران وردية اللون ... النور مستفز ويد العامل العجوز الخشنة اكثر استفزازا وهي تداعب لحمك الغض البريء بينما يكور هو وجهه في وجهك بتعابير مفزعة يعتبرها هدهدة وملاعبة لطيفة
اين ذهبت تلك الظلمة الامنة الاولى ؟
يعتقد المهنئون المتحمسون - لسبب لاتعلمه - أن لباسك القطني العبيط اكثر دفئا من الظلمة الاولى ... لسبب ما يرون المخاط مقرفا يهابون لمسه ويستعيضون عنه بحلتك القطنية الفريدة ... بحجة انها (ملابس البيبي) ... ربما أن الأمر لايعدو كونه اشمئزازا من لمسك مغلفا بالمخاط
صيف 86
شيء مجهول يدفعك لتفحص شنتطك المدرسية وادواتك الملونة لذيذة الملمس ليلة أول أيامك الدراسية ... تمد يدك متحسسا المريلة الكاروهات الخشنة , ورهبة لذيذة مشبعة ببعض الفضول تدفعك دفعا لتخيل احداث اليوم التالي ... ستكون غندورا ياواد بلباسك الجديد وشنطتك الجلد السوبر المحلاة ببادج عظيم لبطلك المفضل ... الزمزمية ستكون اسطورة وهي معلقة في عنقك ... ستكون رهيبا .. كرحالة عظيم يجوب فناء المدرسة (انس قليلا ان الرحالة العظماء لايقفون في طوابير , ولايحتاجون الى مرشد محترف لحمام المدرسة الرهيب , ولايتصارعون امام الكانتين بهمجية , ولايستطيع مدرس الالعاب اعتصار اذانهم على سبيل التأديب)
كيف تواتيك الجرأة على الحلم ... قبل ان ينمو رصيد خبرتك؟
لكن اياما قليلة في المدرسة كفيلة بجعلك تكره تلك المريلة حتى النخاع ... فهي ولاشك تطمع فيك العيال المتشردين الذين يسارعون بحقد لقذفك بالفلين وعلب الكلة الفارغة ويردد بعضهم في شماتة لامبرر لها من وجهة نظرك ((...) أمك ياكابتن ... (...) أمك ياكابتن) .... ثم ان الشنطة ثقيلة تمنعك من المراوغة والفرار المحنك , وتدفعك دوما للانحناء والتهادي في الطريق قبل ان تتبوأ مقعدك من الفصل الصاخب الملي بالعيال الذين لايقلون اجراما عن قاذفي الكلة الشرسين اياهم ... فتطمئن نفسك الى اضعفهم بنية واطيبهم ملمحا لتجلس بجواره في اخر دكة قبل ان تكتشف مذعورا انه كثير البرابير ,دائم النوم , مهدود الحيل , وربما غبي ايضا ... ورائحة غريبة تفوح منه باستمرار كرائحة الملابس المخزنة في قعر الدولاب لسنين ممزوجة برائحة المربى أو مادة كيميائية اخرى لاتدري طبيعتها
ربما تلك هي رائحة المريلة ... تلك الرائحة التي تعاظمت حتى صارت رائحة للأيام ذاتها .. تلك الايام التي ظللت تكرهها ... ربما لأنك اضطررت لكراهية المريلة والفصل ... والطفل الغبي ذو البرابير ورائحة المربى أو المادة الكريهة مجهولة الهوية
شتاء 95
كثيرون يحدثونك عن طور المراهقة الحرج .. والتغيرات الطارئة المدمرة التي تقلب حياتك راسا على عقب ... صرت مشغولا بشكلك الخارجي بحثا عن علامة الجودة .. الشعر في الوجه , والصوت العميق البجح , والعضلات الفاخرة سريعة النمو ... وتفرح عندما تظهر علامة جديدة , وتقلق عندما تتأخر باقي العلامات ... وقلق يجتاحك وهاجس يشغلك دوما انك ربما لست كالاخرين ... وعما قريب قد تكون مثارا لسخريتهم ونظراتهم المهلكة ... ثم تكتشف ان اختراعا جديدا قد ظهر ليغير وجه العالم اسمه الجنس الاخر .... ذلك الاختراع المدمر الذي يتركك مؤرجحا بين التعلق بأمل , والانسحاب محطما كاسف البال ... ومن ثم تطيل النظر في المراة لاعادة تقييم علامات الجودة السابق ذكرها ... , وتنهمك في الامال والاوهام مرة اخرى ... ثم ينتابك القرف من كل هذا , وتدرك انك بحاجة الى قيمة اعظم تطوف حولها لتغير وجه حياتك ... عندها فقط ستأتيك كل نساء الارض طمعا في نظرة من عينيك المرهقتين بعد رحلة كفاحك الطويلة , وسينحني أمامك العظماء في احترام لأنك فعلت الشيء العظيم الذي لاتعرفه بعد لكنك ستصنعه يوما ولاشك ... وبعد ان تجني ثمرات نضالك يتبقى امامك سنوات قليلة من العمر تخطط لقضائها في التعبد والتأمل ضمانا للجنة
لماذا تولد برغبة جارفة في الحصول على كل شيء؟
كنت تتمنى دوما ان تغير القالب أو (الكافر) الذي يحيطك من الخارج ... ربما لازلت باحثا عن شخص أو مثل اعلى تبغى السير على دربه وقد طعّمته بقليل من سمات بطلك الخارق المحبوب الذي لازلت تحتفظ ببادجه على شنتطتك المدرسية الكئيبة المستقرة في غرفة الكراكيب
خريف 2000
انها خطوتك الأولى الحقيقية الى الحياة ... صرت موظفا مقيدا بسجلات بلادك التعيسة ... وصار هناك مبلغ ما من المال يدخل جيبك شهريا يدعى المرتب .... لم تعد الملابس الروشة والجينز ملائمة لمكان العمل ... والا فانك ستتحول فورا الى وغد مراهق فرفور يدعوه الناس بالكابتن ... تتعلم في تلك الايام ان تخطيء , وأن تحترف الخطأ , وتحترف اخفاءه حتى تسير الامور كما ينصحك (القدامى العارفين) , وتعرف ان ذنوبك القديمة بسيطة , غضة ... كلحمك الابيض البريء يوم مولدك , وان روحك - التي يمكن ان تصفها بالبريئة - تتشرب الفساد والقذارة كالفلتر القديم
متى بالضبط صرت كالاخرين الذين كنت تكرههم؟
وكلما غصت اكثر في مستنقعك الجديد ... كلما دعتك حاجة ملحة الى المزيد من التجمل المعبق بعطر الفضيلة ... وتصير ملابسك اكثر شياكة , وحذائك اشد رونقا ولمعانا , وتحرص كل الحرص على ارتداء ملابس العمل ( البدلة .. الخوذة .. الروب الاسود .. الهدوم الميري .. أو البالطو سواء كنت طبيبا أو جزارا) .. تماما كحرصك على الامضاء بعناية في خانتي الحضور والانصراف في المواعيد الرسمية التي وجدنا عليها اباءنا ( لكن احدا لايسأل عن تلك الفترة المستترة مابين الحضور والانصراف) ... وتفرح للعلاوة , ويحزنك الخصم والجزاء ... وتسب الحرامية النصابين الذين لايراعون الله ويأكلون اموال الموظفين بالباطل , مع ان (ورقك سليم ) وامضاءك يؤكد انك عنيف المجهود في العمل ومناضل حيوي مهم في منشئات الدولة التي - بالتأكيد - تعلمت ان تكرهها وتلعنها وتنتظر علاوتها التي ستصرفها على بدلة جديدة تدعم رونقك المهم
صيف 2009
كما فعل اسلافك تماما ... تبحث عن عروس لأنك تحتاج الى واحدة , وتكلف اقاربك بالبحث عن بنت الحلال , أو تنجذب لفتاة ما رأيتها في فرح قريب لاتعرفه اصلا من اقاربك الكثيرين في تلك الفترة الحيوية المهمة والشهيرة ب (موسم التزاوج عند الانسان) , وتسأل عن تلك (المزة الحائرة) ... لتعرف انها بلا زوج أو خطيب أو احد يتكلم عنها وتبدو (خد بالك من تبدو دي) على ادب ودين ورقة بابتسامة بريئة تليق بفتاة غير ذات ماضي كما يصور لك خيالك المريض - عفوا - العريض ... وتبدأ المباحثات المبدئية وجلسات الصالون بعلبة جاتوه وابتسامة مهذبة تجاوبها ابتسامة خجول محترفة , وملابس شيك مختلفة تماما عن ملابس العمل ... وتجد انك تتوه في تفاصيل غريبة عن الجهاز والقائمة والشبكة والمؤخر ومصطلحات اخرى غريبة تبتلعها في ادب ...( واللي له عند الكلب حاجة يقول له ياعمي) ... ولحظيا تقفز امام عينيك صورة مريلتك القديمة , وشنطتك المتربة ببادج بطلك الحبيب المفضل التي القيتها في غرفة الكراكيب ... وتكتشف ان مفردات اخرى جديدة ستقتحم عالمك وتغير حياتك للأبد
وتجلس مع خطيبتك بحق قصمة الوسط التي عانيت منها في جلسة الصالون , وتتعرف على كائن جديد , وقد تشعر بالسعادة الحقيقة لأول مرة - واخر مرة برضه - في حياتك , قبل ان يعكر صفو الجو حكاية الفرح والزفة وفستان العروسة الابيض وبدلتك السوداء الكئيبة بنت الكلب ...و تفاصيل اخرى كثيرة تدمر اي لحظة سعادة تجاهد لاقتناصها ... وتعرف ان الامور ليست دوما كما في خيالك ... انها فقط تلك الصورة الجميلة على لوحات الاعلانات ( كالفارق بين شطيرة الهامبرجر الجبارة المرسومة على اللوحة , و تلك المهترئة المستكينة امامك كجثة هامدة في علبة الدليفري)
متى اخر مرة قلت لنفسك .. لم يكن الامر هكذا في الفيلم ؟
لكن الايام تمر سريعا ... وتجد نفسك في ليلتك المفترجة التي ينتظرها المرء طوال عمره وجها لوجه مع (حقائق الحياة) ... وانك مقبل على ضغط عصبي شبيه بالامتحان الذي يثبت جدارتك ... وان المعازيم والزفة وسندوتش الكفتة التي طفحته بالسم الهاري من يد حبيبتك هو الامر الوحيد الذي يمنعك من الصراخ كالعيال (عاوز اروح عند ماما) ... لأن رد فعل عروستك ساعتها لن يختلف كثيرا عن العيال الصيع الذين قذفوك بالكلة في اول ايامك الدراسية
خريف 2052
تترهل انت كما تفعل كل الاشياء التي كانت يوما ما جديدة ... وينمو كرشك ببطء مستفز صعب الملاحظة... وتتأمل امبراطوريتك الصغيرة دون استمتاع حقيقي ... لقد صرت كثير الهموم والعيال ... صرت مفعما بالخطايا بسبب فلترك الذي صار عاجزا عن العمل واعرب عن انتهاء صلاحيته ... لكنك على الاقل صرت ذو سلطة وشخطة مخيفة , وخبرة لايستهان بها في معاملة البشر ... لكن شعرك الابيض يشعرك بالاسف , ويذكرك بالعجوز الكحكوح الذي صرته , والذي يصر الناس دوما على نعته ب(البركة) و (الحاج) ... انها كلمات تثير الغيظ لدرجة الجنون ... لازلت بعد هذا العمر تواقا لمجون الشباب , لكن اّلام المفاصل لاترحم الشيوخ
اين تقع بالضبط تلك النقطة الفاصلة التي تعلن دخولك الى مرحلة جديدة في مشوار عمرك؟
يتركك احباءك يوما بعد يوم , دون ان يعلموك ب (سفرهم الاخير) ... انك تبكي حقا ... تبكي كيوم نزلت مغلفا بالمخاط ... وينسحب الناس تدريجيا من حياتك تاركين اياك للبرد والوحدة ... سمعك يضعف , وكلام الناس الذي تعجز عن سمعه يثير جنونك ... ترى ايتحدثون عن عصاك الخشبية وخطواتك الغلبانة المضحكة؟ ... أم ترى يتهامسون بشأن صلعتك البهية المستورة ببقايا شعرات بيضاء ؟ .. أم انك اصلا لست محورا للحديث لأنك صرت اقل من ان تكون مرئيا؟
وتظل الكابة تطاردك للنهاية ... وتشتاق لأيام مضت , وذكريات لم تخلق الا لتموت كي تدمن البكاء عليها ...و تسأل نفسك عن الحافز الملح الذي يدفعك للنزول الى غرفة الكراكيب المتربة بقبو بيتك ( لو كنت تملك قبوا) ... ويدفعك لتقليب البوم صورك ... تضحك , وتبكي ... تتحسس شنطتك المدرسية وبادج بطلك المفضل .. ميداليات وشهادات تفوق ... فستان زفاف زوجتك المرحومة الذي اصرت على أن يكون غارقا في الترتر ... أوراق مهترئة لمحاولاتك الساذجة القديمة لكتابة الشعر .... برطمان كلة لاتدري مالذي اتى به الى هنا ... صورة قديمة لشخص عزيز مع كلمة رقيقة في بظهر الصورة ... واناس كثيرون تشتاقهم لكنهم لن يلبوا دعوتك , لأنهم لم يعودوا يقدرون .... ويزداد حزنك وألمك .... وتتخيل صراخك الاول في لحظة الميلاد ( لاتذكره طبعا لكنك اكيد من انك فعلت) .... كم كان مفعما بالحياة !!... مالذي يجعل الدنيا تمر امامك قبل ان تلاحظها ؟ ماهو ذاك الحنين الغامض لشيء مجهول لاتدري كنهه لكنك تنتظره طوال حياتك؟
ثم مالذي يجعل عينيك تغلق فجأة ليسقط الالبوم من يديك؟
صيف ما بعام ما
يفترض ان الجو شديد الحرارة ... لكنك لم تعد تشعر بالأمر أو تمنحه الاهمية .... يفترض انك ميت , لكن الناس تأبى ان تجعلك تفارق الدنيا دون لباس اخير يشيعونك به الى مستقرك المؤقت ... تشعر ان ملبسك الجديد ربما يكون اكثر راحة ... وان دفء الارض ... قريب الشبه بظلمة الرحم الامنة التي كنت تفتقدها ... بامكانك الان ان تكف عن الاسئلة الحائرة لتتكيف مع ردائك الجديد
عجبا!! .. انه الملبس الوحيد الذي جاء ملائما لمقاسك من المرة الأولى
_______________________
عندما خطوت اولى خطواتي الى عالمكم المخملي الرائع .... لم اكن اعلم ان الخروج سيكون بتلك السرعة
__________________________
__________________________
تنويه ,أو ملحوظة , أو شيء من هذا القبيل
اعتقد انني سأتغيب لفترة لابأس بها لامتحانات الماجستير اعادها الله علينا وعليكم بالستر والدرجات , ربنا يستر... ادعوا لي

Thursday, February 08, 2007

أن تكون طبيب تخدير

منذ سنين وقفت الى جوار طبيب تخدير محترم ... كان يمسك بمحقنين كتب عليهما اسماء الادوية الموجودة داخلها ... وقبل ان يحقن كان دوما يقول (يارب استرها معايا) .. يومها لم ادر لتلك الجملة التي كان يكررها روتينيا سبب واضح ... اظن انني بدأت افهم السبب هذه الايام
__________________________
أن تكون طبيب تخدير ... يعني انك مقبل على مقامرة ما , أو على فتح بطيخة لاتدري بالضبط محتواها كلما بادرت بتخدير مريض ... وأسوأ مافي الامر ان الكوارث عندما تأتي , لاتكون مصاحبة باجراس الانذار , ولاتتلون الشاشة بالأحمر كما في العاب الكمبيوتر والافلام ... اسوأ مافي المصائب أنها تأتي في هدوء ... وترحل كما اتت ... في صمت جليل
أن تكون طبيب تخدير ... يعني انك مضطر يوميا للكذب على اّلاف العيال قبل العمليات بدعوى لبس الساعة للتصوير (رباط ضاغط لوضع الكانيولا ) ويلا ننفخ البالونة ( استنشاق الغاز المخدر) ... ترى كيف كان شعورك مع عملية الطهارة التي تمت لك بعد خداع وتاّمر من أقرب الناس اليك؟
أن تكون طبيب تخدير .... يعني عجزك المستمر عن التركيز اثناء الصلاة بينما مريض ما في غرفة العمليات تحت تأثير البنج على مقربة منك لايلاحظه غيرك مع احساس مستمر بأن مصيبة ما في الطريق أو ان المريض قد انتقل في صمت الى الرفيق الاعلى , بينما الاخوة الجراحين لازالوا يمزقون الاحشاء وهم يتطلعون الى (الايمدج) / الأشعة بشبق وتوحش
أن تكون طبيب تخدير ... يعني ان علاقتك بمهارات الجراحة وخياطة الجروح التي كنت تعشقها ايام الامتياز قد ولّت ولم يتبق امامك من مهام الجراحة سوى محاولاتك المستميتة لفصل البرتقالة عن قشرتها باستخدام الملعقة البلاستيك العقيمة بعد الفراغ من وجبة عديمة المذاق في مطعم المستشفى
أن تكون طبيب تخدير ... يعني ان عادة سيئة تتكون لديك وهي التطلع باستمرار الى اوردة البشر في محاولة خيالية ملحة لايجاد افضل وريد يصلح لأضخم كانيولا ممكنة ... لي زميل طمع في عروقه شخصيا وقام بتركيب الكانيولا لنفسه لاطفاء نار الرغبة .. طب والله حصلت
أن تكون طبيب تخدير ... يعني أن تبتسم دوما لكل جراح وهو يعطي اللمسات النهائية على خياطة الجرح بينما يقول لك في ثقة (احنا خلصنا يابيه) ... وعندما تتأمل الوقت الطويل الذي قضاه صاحبنا في العملية دون داع سوى الخرق وقلة الخبرة , وتتأمل خياطة الجرح المشوهة , والدماء التي تملأ المكان بعد نزيف عظيم .. يكون ردك التقليدي الجاهز بعد كل هذا (ياباشا تسلم الأيادي) ... مرارا فكرت ان اغير الرد الى (تولع الايادي) ,لكن لا .. لم افعلها بعد
أن تكون طبيب تخدير ... يعني احساسك المستمر بأن كل من يناديك غالبا ليبلغك بكارثة ما خاصة بالتخدير ... تدريجيا صار عندي هاجس ان كل من يكلمني (حتى في الشارع أو لايعرفني اصلا) يقول لي في هدوء (الحق .. عايزين حد تخدير في أوضة 5) ... 0
أن تكون طبيب تخدير ... يعني أن الناس لم يعودوا يقسمون الى فئات حسب اللون أو الجنس أو الدين .. بل حسب لياقتهم للتخدير الى مرضى لايصلح لهم الا البنج الموضعي , ومرضى ينامون كليا بعد محايلات واستعدادات وتحسب للمصائب وخناق محترم مع الجراح , ومرضى في أسوأ حال من عينة (الراجل فيكم ييجي وينيمه) , ومرضى لاتوجد فيهم مشاكل من أي نوع ( والملاحظ ان اغلب مصائب التخدير تأتي من تلك الفئة الاخيرة , ولاتسأل عن السبب) 0
أن تكون طبيب تخدير ... يعني انك مدان قبل أن تبدأ أو تتكلم أو تتعامل مع اي كائن ... يعني أن تستسلم للفكرة الساذجة المكونة لدى الجميع بأنك (ذاك الرجل الذي يقتل المرضى بسبب الجرعة الزائدة) .... يعني أنك مطالب بايجاد أوردة لمريض مستعصي حاول فيه قبلك عشرون ممرضة وثمانية اطباء من تخصصات عديدة بعد أن قضوا على جميع الاوردة بمحاولات غشيمة عرجاء(من باب التجريب وامتحان خبرات أياديهم الطاهرة اللي عايزة قطعها) , والمفروض ان تجد الوريد بنجاح والا فان نظرة غبية ستتكون على الوجوه من عينة (أمال تخدير ايه بقة؟!!)... يعني انك الرجل الذي يحلوا للجميع الكذب عليه واخباره بأن المريض صايم وتحاليله زي الفل ومستعد تماما للعملية , (ربما الى درجة تزوير نتائج التحاليل) ... احد الاخوة البنجاوية سأل مريضا يوما (اّخر مرة أكلت امتى ياحاج؟ ) .. فتلفت الحاج اللئيم يمنة ويسرة متوجسا قبل ان يجيب في خبث ( انا لسة واكل من ساعة , بس والنبي ماتقول لبتوع البنج) ..!!. يبدو ان البعض لابد وأن يحاكم بتهمة الغباء على رأي السادات
أن تكون طبيب تخدير ... يعني انك متيقن من ان احساسك بالام الناس يقل تدريجيا بدءا من جو الرهبة المغلف لغرفة العمليات (بينما هي بالنسبة لك كجو البيت أو اكثر), مرورا بتركيب الكانيولا ( لأنك نسيت احساس ان احدهم يغزك باستمرار مطالبا اياك ان تصبر وتكف عن الدلع ... انها مجرد شكة كشكة الشنيور)... والماسك الاسود الكئيب المعبق ببقايا رائحة الغاز المخدر ( طبعا لأنك اعتدت ان تكون فوق الماسك لا أسفل منه بينما شخص تراه بالمقلوب عند رأسك يأمرك بالهدوء مع اخذ الانفاس العميقة والعد) لن يلومك احد اذا لطمته بغلّ وفررت هاربا من هذا الجحيم
أن تكون طبيب تخدير ... يعني أن وقتا طويلا سيمر قبل التدوينة القادمة لأن الاسبوع القادم حافل بالعديد من النوبتجيات والمفاجئات الغير سارة التي ستحتاج الى وقت قبل اعادة التوازن وممارسة الحياة الطبيعية
________________________
عندما أبدأ في كل مرة ... اسأل نفسي .... هل ستكون هذه هي المرة الأخيرة؟

Sunday, January 21, 2007

شعب الله المختال

انها حكاية اسطورية تتناقلها الأمم ... عن شعوب انقرضت منذ زمان بعيد ... وسجلتها الأجيال في كتاب عملاق مزخرف ... تحت عنوان اساطر الأولين ... التدوينة مجرد مختارات من الكتاب
_____________________
الاهداء
لانهدي هذا الكتاب لأحد ... هو في الأصل لعنة متوارثة ... تلك صفحة لايصح تضمينها هنا
_____________________
الفصل الثالث
صدفة مشقوقة وكثير من الطين
ولايهم القاريء موقعهم الجغرافي ... فهم واسعي الانتشار , واينما يذهبون .. تذهب معهم خيلاءهم المدمرة وغرورهم الاكيد ... لكن المهاجرين منهم لبلاد الاخرين يذوبون في مواطنهم الجديدة .. بعيدا عن قوقعتهم الصغيرة الرطبة... التي يشعرون داخلها دوما انهم مستهدفون ... رغم ان اثرهم في حياة الاخرين , لم يعد قط عظيما
_______________________
الفصل العشرون
سر الجوهرة المقدسة
والملاحظ على هؤلاء الاهالي كراهيتهم المزمنة لكل غريب وافد .... حتى عندما يجتمعون في صلاتهم الاسبوعية فهم دائمي اللعن على الغرباء من خارج البلاد ذات العقائد الاخرى باعتبارهم اعداء كارهين لهم بالمثل ,الملاحظ ايضا هو ذاك الاحساس الطاغي بالتميز, لم يتميزوا قط بجدهم وكدهم , ربما تميزوا بما ورثوه عن ابائهم أو انبيائهم... فعاشوا في وهم الكمال... ربما لهذا يكرهون الاخرين المنقوصين ... وربما لهذا يعتبرون انفسهم من النخبة المختارة حاملة النور والمسك .... ربما يكون الغرور من عيوبهم التي لايمكن - ابدا - ان يروها
____________________
الفصل السابع والتسعون
من قال لاأعلم فقد هرطق
يغلب عليهم كثيرا ... حبهم لتمجيد الفضيلة , حتى وهم يأتون الرذيلة في المساء ... كثيري الكلام والانفعالات الساخنة غير ذات الجدوى ... كثيري الرغبة في المزايدة ... قليلي العلم , ربما لهذا عندما يطغى عليهم الجهل يسارعون الى كتابهم المقدس مضمنين منه عبارات في كل حوار بجدوى وبدون جدوى ... ربما لاخفاء جهلهم العميق بالكثير من الشئون العامة التي يحلو لهم كثرة الحديث فيها بغير علم ولاهدى ولاسلطان ... فالجهل في بلادهم يعد تهمة .. والصمت البليغ احيانا يعد عارا على جبين القوم هناك .... لدرجة انك تجدهم يهذون ويجهلون حتى عندما يستشهدون بكلمات كتابهم المقدس ... لكنهم يعتبرون النوايا الطيبة مبيحة لبعض انواع الهرطقة مادامت قد ارتبطت بذكر الله العظيم والنبي الحبيب
________________________
الفصل الخامس عشر بعد المائة الأولى
طقطقة احجار في سبيل الكيف
وكان كلما ظهر منهم عالم مفوه انقسموا حوله الى لاعنين وساجدين .... وعندما علا صيت احدهم يوما واقترب نفوذه الملموس من حدود السلطان , وصار له اتباع مؤيدين, ومريدين مستمعين ... اشتد الصراع بين ذوي المصالح وذوي المسابح ... حتى وصل الامر الى سلطان البلاد فأمر بنفيه خوفا من لهيب الفتنة على خشب العرش .... وظل المنفي يرسل برسائله الحكيمة من منفاه الى الاهالي المنتظرين والذين كانوا يقومون فورا بتوزيع رسالاته ويرددون كلماته بعيون مغلقة مطمئنة ... كأنما اطمأنوا الى انهم يصنعون الحياة
_____________________
الفصل الثلاثون بعد المائة الثانية
من الذي أكل الجبنة ؟
حريق يجتاح البلاد عندما يحكي الرحالة النشطين الى بلاد الابقار البعيدة عن الفظائع المرسومة على جدران الحدائق العامة والتي تسخر من نبيهم الحبيب .... وانطلق المتحمسين يدعون الى الحرب على المارقين صانعي الجبنة الشهية , واخرون اكتفوا بطلب الاعتذار والندم وكميات ضخمة من الجبن اللذيذ على سبيل التعويض ... في حين دعا السواد الأعظم الى مقاطعة جميع واردات بلاد الأبقار البعيدة حتى يهلك الظالمين من شدة الجوع ... وقد طغت تلك الأصوات على القلة العاقلة المتهمة دوما بالتخاذل ... و مرت ايام طويلة انتشرت خلالها اللافتات المهاجمة حادة النبرة والتي كان لأصحاب البضائع النصيب الأعظم منها , وقد اجاد كثير منهم استغلال تلك اللافتات للاعلان عن بضائعهم البائرة التي راجت بحمد المولى ... ومن ثم اهدروا مكاسبهم العظيمة احتفالا وابتهاجا ... بعد ان حققوا حلمهم العظيم بمقاطعة الجبنة الكافرة
_________________________
الفصل الرابع بعد المائة الثالثة
الشمطاء والشعر الأكرت
ويحكى ايضا عن ثورة عارمة اجتاحت الطريق من مدخل المدينة حتى القصر الحاكم ... بسبب والي اكرت الشعر ارتشف كوب اللبن المستورد ذات صباح غامق , وسب رمزا دينيا مقدسا لدى الاهالي ... يقولون ان السباب لم يتعد حدود قصره المنيف , لكن جارية شمطاء من حريم الأكرت نقلت التصريح العنيف الى حكواتي البلاد المولع بالحواديت والفضائح ... ومن ثم كانت ثورة البلاد العارمة , وقد زادت من حدتها حكايات كان الاهالي يتناقلونها همسا عن شذوذ الوالي الأكرت
يقولون ان القصر نفسه بارك حريق الجماهير الهائجة ... ولأول مرة منذ عهد بعيد .. تتحد الطوائف المتناحرة , والكبراء , والمارقين والكلاب وأولاد الكلاب على امر واحد ... وبدأ الجميع يصيح بجنون ... اعزلوا الأكرت الزنديق
الى هنا ولم تذكر المصادر التاريخية كيف حلت الأزمة ... لكنها - غالبا - اندثرت كالعادة واختفت خلف موجة جديدة من الاحداث والملهيات
_____________________________
انتهى الكتاب بعد هذا الحد باربعين فصلا اخرين... باقي الصفحات مهترئة بفعل العثة .... لم يوضح الكاتب المجهول اين انتهى اثر هؤلاء القوم
اندثروا غالبا ... وذهبوا في زباله التاريخ
;